«المكوِّنات الإسلامية لهوية أوروبا» لفْريد موهيتش

يُقدِّم د. فْريد موهيتش في كتابه {المكوِّنــات الإسـلامية لـهوية أوروبا} (صادر حديثاً عن مركز الجزيرة للدراسات والدار العربية للعلوم ناشرون)، قراءة تحليلية تقييمية ونقدية لما يعتبره {أكبر سردية مخادِعة في التاريخ البشري} بشأن متلازمة {أوروبا، القارة المسيحية} (أوروبا قارة مسيحية حصراً).

يرصد كتاب {المكوِّنات الإسلامية لهوية أوروبا} الذي ترجمه د. كريم الماجري، جذور السردية {أوروبا قارة مسيحية حصراً} التي تمتد عبر قرون طويلة، وتقف وراءها وتُغذِّيها مراكز وقوى اجتماعية مختلفة المشارب. ويبيِّن الـمُؤَلِّف د. فريد موهيتش أن تلك الحملة كانت حاضنتها، خلال حقبة القرون الوسطى، داخل الدوائر الدينية المسيحية النافذة في أوروبا بمختلف طوائفها الكاثوليكية والبروتستانتية والأرثوذكسية. وأسَّست الكنيسة الكاثوليكية وأطلقت ودعَّمت نشر أيديولوجية الحروب الصليبية وروَّجت لها، لكن تلك الأيديولوجيا المحاربة وجدت كذلك تبنياً كاملاً وتنفيذاً حرفيّاً لها لدى الطوائف المسيحية الأخرى كافة ومختلف مِلَلِها ونِحَلِها. ومنذ بدايات القرن التاسع عشر، تصدَّت مجتمعات الدول الأوروبية العلمانية لأداء ذلك الدور، وبات جزء من أوروبا ينفي حقيقة التعدُّدية الثقافية لطبيعة الهوية الأوروبية عن طريق التَّعمية على تلك الحقيقة إمَّا بإنكارها أو بتجاهل حقيقة أن ثقافة أوروبا إنما هي مثال كلاسيكي لهوية ثقافية تشكَّلت عبر قرون طويلة من التلاقح والتمازج بين عناصر ثقافية- هُويَّاتية مسيحية وإسلامية على حدٍّ سواء.

مؤثِّرات ثقافية

يهدف الكتاب إلى تقديم هذه الحقيقة وبيان وجوهها وتجلِّياتها؛ فمنذ أكثر من 1300 عام وهوية أوروبا الثقافية تتشكَّل حصرياً عن طريق تفاعل مؤثِّرات ثقافية متعدِّدة ومتنوِّعة، مع دور مُهَيْمِن لعناصر ثقافية، هي نتاج الحضارات اليهودية- المسيحية والإسلامية. وكما هو معروف، فإن أصول هذه الديانات التوحيدية الثلاث ومهد ولادتها هو قارة آسيا، وبالتالي فكلها وافدة على القارة الأوروبية، وهذه الحقيقة، في ذاتها، تنزع من تلك الديانات كافة حقَّها في ادّعاء حصرية تمثيلها هوية أوروبا الثقافية من دون غيرها.

ويوضح المؤَلِّف أن سياسة الإصرار على أيديولوجية التمييز الثقافي والديني ضد العناصر الإسلامية المكوِّنة للهوية الأوروبية لصالح العناصر المسيحية تتعارض مع المبادئ المعاصرة الداعية إلى الاحترام المتبادل بين الثقافات والشعوب والأديان، كذلك تبدو في تناقض صارخ مع الحقائق التاريخية التي تؤكد الطابع غير السياسي للهوية الثقافية الأوروبية الشاملة التي تشكَّلت عبر الوجود المكثَّف المتزامن والتفاعل المستمر، عبر قرون عدة، بين العناصر المسيحية والإسلامية لتلك الهوية. تنفيذ هذه السياسة عمليّاً يؤدي، بل أدَّى فعلاً إلى التشكيك وتهديد الاحترام المتبادل الثابت بين أكبر وأهم التقاليد الدينية والثقافية للمسيحية والإسلام، وبالتالي إلى تهديد السلام في أوروبا وفي العالم!

أمَّا الهدف الثاني فهو التحذير من المخاطر الكامنة في رفض قبول المساواة بين الإسلام والمسيحية ونفي الحقائق التي تؤكد ذلك الوجود الثابت للعناصر الثقافية المسيحية والإسلامية في الهوية الأوروبية.

معطيات تاريخية

في كتابه يسوق موهيتش جملة من الحقائق؛ ذلك بعرض معطيات تاريخية مثبتة، وتحليل الوثائق التاريخية ومواقف أكثر الكُتَّاب والباحثين عداءً للإسلام والمسلمين من أؤلئك الذين يصرُّون على أحادية أوروبا أيديولوجيّاً ودينيّاً، وينفون التأثير المحوري للإسلام في تكوين هوية أوروبا، فضلاً عن تبيان أهم نتائج البحوث المعاصرة التي توفِّر معطيات تاريخية غير قابلة للطعن، وتدحض النموذج السلبي الذي يُقدَّم حول الإسلام والمسلمين، وتؤكد الحقيقة التاريخية حول الطابع الإسلامي المهم لأوروبا؛ باعتبارها قارة ثقافية.

عندما أسَّس المسلمون أول دولة على أرض أوروبا، لم يجدوا أيَّة مجموعة مسيحية تعيش في إطار دولة واضحة المعالم؛ فاليهودية- المسيحية، أو بشكل أدق، فالمسيحية؛ باعتبارها شكلاً من أشكال الاندماج المجتمعي وقاسماً مشتركاً بين أفراده، قد تم تشكيلها بعد فترة طويلة، وفي الأحوال كلها لم يكن ذلك أبداً قبل تأسيس الدولة الإسلامية في أوروبا عام 711 ميلادية، على جزء صغير من أرض أوروبا.

أكبر جزء من أوروبا (إسكندنافيا، وشمال ووسط وشرق أوروبا بالإضافة إلى روسيا وأوكرانيا) ظلَّ وثنيّاً لقرون عدة تلت تقبُّل مناطق أوروبية واسعة جدّاً للإسلام ودخولها تحت سلطة الدولة الإسلامية؛ ما يعني أن حقبة وثنية أوروبا امتدت إلى قرون بعد تأسيس دول إسلامية في أوروبا، من القوقاز عبر أكبر جزر البحر الأبيض المتوسط، وصولاً إلى الأندلس، التي كانت في تلك الفترة أكثر الدول الأوروبية نموّاً اقتصاديّاً وثقافيّاً، وكانت أقوى دولة عسكريّاً في كامل أوروبا.

يخلص الكتاب إلى أن الحقائق التاريخية تؤكد أن هوية أوروبا مثال كلاسيكي على التقاء مزيج من الثقافات الناتجة عن تلاقح جملة عناصر ثقافية لم يعد من الممكن فصل إحداها من دون التسبب في ضياع هوية أوروبا كما نعرفها اليوم، والتي تم تكوينها، في غالبيتها، تحت تأثير وتلاقح ثقافات لا تستمد جذورها من أوروبا، وهي بالأساس ثقافات يهودية- مسيحية وإسلامية.

 المصدر: جريدة الجريدة

“موعد ثقافي” برنامج جديد يناقش قضايا فكرية على قناة البوادي

تستعد قناة البوادي لانطلاقة ثقافية اعتماداً على مجموعة من البرامج الجديدة, وقد بدأتها بتقديم نشرة أخبار ثقافية, وأخبار إصدارات الكتب. ومنها برنامج موعد ثقافي وهو من إعداد ماجد المطيري وإخراج علي العجمي, وإشراف نواف بورمية, وهو من ضمن البرامج الثقافية التي يقوم بإدارتها الإعلامي عدنان فرزات.

ويستضيف البرنامج عدد من المثقفين غالبيتهم من جيل الشباب, لمناقشة جملة من القضايا المستجدة ثقافياً بعد التحولات التي طرأت على كثير من المفاهيم بسبب الانفتاح الكبير للثقافات على بعضها في ظل التطور الهائل لوسائل الاتصال.

ويعتمد البرنامج على استضافة الكوادر الشبابية غالباً, ويؤازرها بمثقفين من أجيال سابقة, ويناقش قضايا العولمة الثقافية واللغة والانتماء الفكري وغيرها من الإشكاليات التي تواجه المجتمعات اليوم, بما في ذلك نشر ثقافة التسامح وتقبل فكر الآخر وكيفية مواجهة الأفكار المتطرفة بالوعي.

وقال مدير عام القناة عبدالرحمن خالد البابطين: إن هذه القناة الثقافية التي أسسها الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين تسعى لأداء رسالة متكاملة في العمل الثقافي المتمثل في مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية والمراكز المتفرعة عنها التي أخذت صبغة عالمية.

جامعة شنقيط تستحضر إسهامات الشناقطة في حركة النهضة الأدبية

أصدرت جامعة شنقيط العصرية كتابا جديدا تحت عنوان “إسهام العلماء الشناقطة في حركة النهضة الأدبية في المشرق والمغرب، ملتقى القرنين الهجريين 13و14″، خاصا بأبحاث الندوة الدولية المنظمة مؤخرا بمباني الجامعة في انواكشوط  بمناسبة ذكرى مرور مائة سنة على وفاة أحمد بن الأمين الشنقيطي، ويقع المؤلف في 411 صفحة من الحجم المتوسط ويضم مقدمات تمهيدية أعدها الدكتور عبد الودود ولد عبد الله (ددّود) رئيس مركز البحوث والدراسات في جامعة شنقيط العصرية قدم فيها لأعمال الندوة. 

الدكتور محمد المختار ولد اباه رئيس الجامعة ورئيس جمعية شنقيط للثقافة والتنمية قال إن هذه الندوة تأتي لاستذكار أدوار نخبة أعلام العلماء الشناقطة الذين رفعوا راية مجد البلاد خارج إقليمهم، بما قاموا به من أعمال جليلة في خدمة لسان العرب ولغة القرآن الكريم.

ويحتوي الكتاب أيضا على مقالات ومداخلات علمية رصينة قدمها أكاديميون ومؤرخون وباحثون  ينتمون لمختلف المؤسسات الجامعية ومعاهد البحث في الوطن وخارجه، كانت كلها وقفة استذكار لجيل من العلماء الشناقطة الذين رسموا ملامح الهوية الثقافية الموريتانية، و أسهموا في مجهود النهضة العربية في المشرق والمغرب إسهاما مشهودا.

يذكر أن هذه الندوة تم تنظيمها بمبادرة من جامعة شنقيط العصرية ومؤسسة بلاد شنقيط للثقافة والتنمية، وتم نشر أعمالها بدعم من وزارة الثقافة في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، ومؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري بالكويت.

ومن بين المواضيع التي تناولتها البحوث المنشورة في هذا المؤلف ظاهرة الهجرة العلمية الشنقيطية إلى المشرق العربي وإسهاماتها الثقافية من خلال تسليط الضوء على أبرز رموزها،  ثم تناول هؤلاء الرموز من زوايا مختلفة لإبراز العوامل التي ساهمت في شحذ ملكاتهم العلمية وقدراتهم التحليلية والتركيبية والنقدية، واهتمامهم باللغة العربية التي كانوا يعتبرونها بابا للعلوم الشرعية، ويبدو انها كانت في تلك الحقبة (ملتقى القرنين) هي الباب الذي دخل منه الشناقطة أفواجا للمشرق العربي فعرّفوا بالثقافة الشنقيطية وتركوا بصماتهم هناك.

ونظرا إلى أن إضافة ابن الأمين المتمثلة في كتاب الوسيط في تراجم أدباء شنقيط كانت كبيرة لسفر النهضة فقد كان من الواجب في هذه المناسبة أن ينكب ذوو الشأن على تدارس الوسيط الذي من الوفاء له – بصفته مرجعا كبيرا ومهما  – أن تصحح أخطاؤه وتكمّل شذراته.

وقد بدأ رئيس الجامعة الدكتور محمد المختار ولد اباه هذا المسعى بتأليف الشعر والشعراء قبل أربعة عقود إكمالا لما فات ابن الأمين في مجهوده التدويني، كما أصدر قبل أسبوعين تكملة وصلة للشعر والشعراء في مؤلف جديد حمل عنوان :نماذج من فنون الشعر الشنقيطي القديم. 

وقد تركزت هذه الأعمال المنشورة حول أعلام  النهضة الأدبية واللغوية في القرنين الهجريين 13و14، كما تم الاقتصار من هؤلاء الأعلام على أربعة هم :محمد محمود بن التلاميد، ومحمد الأمين بن فال الخير الشنقيطي، ومحمد الاغظف بن أحمد مولود الوسري الجكني، فضلا عن أحمد بن الأمين، كما قدمت هذه الندوة إجابات كثيرة على أسئلة كانت عالقة، وأتاحت التعرف على الظروف التي مكنت هؤلاء الأعلام من الإسهام الفاعل في حياة عصرهم العقلية.

وقد خرجب الندوة بتوصيات هامة، منها :دعوة الدولة لإنشاء مجمع علميّ ينسق الجهود العلمية في هذا الصدد، ويقوم بنشرها، ويتابع عملية إحياء التراث وصيانة مستقبل الثقافة الموريتانية. ومواكبة لهذه الندوة تعتزم جامعة شنقيط العصرية العمل على تحقيق وطباعة مؤلف- على الأقل-  لكل علم من هؤلاء الأربعة الذين تم تناول جهودهم في النهضة الأدبية ضمن أعمال الندوة، وقد تم تحديد الكتب التي ستنشر وبدأ العمل في تحقيقها، وذلك من أجل التعريف بأعمالهم والكشف عن قدراتهم العلمية في حُلل جديدة تصحح الأخطاء والأغلاط، وتكشف الغوامض.

المصدر

المغرب تحتفي بالحرف العربي باليوم العالمي للغة العربية

وكالة أنباء الشعر/زياد ميمان

تحت عنوان “الحرف العربي” تنظم وزارة الثقافة المغربية مجموعة من الفعاليات حول الاحتفاء باللغة العربية، و بالخط العربي عموما و المغربي وذلك بعد قرار منظمة اليونسكو، منذ أكتوبر 2012، بتكريس 18 ديسمبر من كل عام يوما عالميا للغة العربية، و لقرار الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية بتخليد هذه المناسبة وجاءفي بيان صادر عن الوزارة أن هذه الفعاليات تتضمن محاضرات و ندوات،معارض ،ورشات،لقاءات. تقام بالتعاون مع المسرح الوطني محمد الخامس وبتنسيق مع الجمعية المغربية لفنون الخط.

و يشارك في هذا الاحتفاء ثلة من الخبراء و الأساتذة و الفنانين. حيث تم احتضان مساهماتهم ضمن “البرنامج الوطني لتنشيط المراكز الثقافية”، و الذي يحمل شعار “لنعش المغرب الثقافي”.

و يلتقي الجمهور و المهتمون بهذه الفعاليات بمختلف المراكز الفنية و المنشآت الثقافية و عبر سائر جهات و مناطق المملكة: الدار البيضاء، الرباط، بني ملال، تادلة، أزيلال، الحسيمة، بوجدور، السمارة، العيون،الداخلة، مراكش، سيدي رحال،فاس، تيزنيت،مكناس، مولاي إدريس زرهون، الحاجب، آسفي، الناظور، فكيك، الفنيدق…كما تهيب وزارة الثقافة بكل الجهات المختصة و المهتمة و بهيئات المجتمع المدني أن تفرد لهذه المناسبة أنشطة و تظاهرات تستحضر خصوصيات اللغة العربية و تميز الخط العربي.

أدب الاعتراف.. الغائب في الثقافة العربية

منذ أيام طرح أستاذ العلوم السياسية بجامعة كيب جورج تاون بالولايات المتحدة ومدير برنامج الشرق الاوسط وأمن الخليج بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن د. مأمون فندي، الذي عاش تجربة طويلة في المجتمع الغربي سؤالا موجها لمجتمعه الشرقي على حسابه بتويتر يقول فيه: لماذا لا ينمو أدب الاعترافات الشخصية testimonial في تربة الثقافة العربية؟ هل يمكننا أن نناقش منظومة العوائق بأمانة وتجرد؟

يبدو السؤال مشروعا: لماذا لم تقطع الثقافة العربية شوطا كبيرا في مجال أدب الاعتراف على غرار الثقافة الغربية كما فعلها جان جاك روسو وأوسكار وايلد وأندريه جيد مثلا؟ فالثقافة العربية تفتقد إلى مثل هذه الاعترافات إلا من محاولات تمثل الاستثناء الذي يثبت القاعدة مثل كتابات محمد شكري ورسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان ورؤوف مسعد، ما الذي يمنع الكاتب العربي من خوض هذا الغمار؟ سلطة الدين أم سلطة المجتمع؟ لماذا تعتبر كل محاولة في ادب الاعتراف بمنزلة «الجرسة» او «الفضيحة» يشار بها في وجه المعترف العربي ولا يتم وضعها في خانة الشجاعة الأدبية، التحقيق التالي يبحث عن إجابات.

سلطة المجتمع

في الردود التي جاءت على سؤال د. فندي، قال أحدهم إن سلطة المجتمع العربي أقوى من سلطة الدين، بينما ألمح آخر إلى الثالوث المحرم (العيب والممنوع والحرام)، وتحدث البعض عن المجتمع العربي المغلق، بينما تحدث الكاتب المصري إبراهيم عبد المجيد عن محاولة محمد شكري في «الخبر الحافي»، وأكد عبدالمجيد أن مذكرات الأدباء والفنانين الغربيين تصدر مدهشة ورائعة بينما رأى أن أدب الاعتراف عربيا أشبه بالتربية الوطنية.

الروائي والقاص طالب الرفاعي يشير إلى وجود محاولات عربية يمكن إدراجها ضمن أدب الاعتراف، سواء في الرواية أو القصة أو الشعر، ويحدد أن الاعتراف يأتي على شكلين: الأول سافر مباشر، يقدم خلاله الأديب اعترافاً يكشف عن منعطفات وخفايا حياته الشخصية الحقيقية باسمه الصريح،

والشكل الثاني، وهو الأكثر شيوعاً، ليس بين الأدباء العرب، بل بين عموم النتاج الأدبي العالمي، وهو أن يضمّن الأديب أو يدسّ في كتاباته أجزاء من تجربة حياته وسيرته الخاصة دون الإفصاح عن ذلك.

الحقيقة باهظة

الرفاعي يؤكد أيضا ان مواجهة النفس بمكامن دهاليز حاجاتها وضعفها وخستها وجراءتها وتهورها وكذبها وصدقها وخياناتها ووقاحتها وأوجاعها من جهة، ومواجهة الآخر المشترك في هذه التجربة من جهة ثانية، والوقوف بوجه المجتمع، وتحديداً المجتمعات المحافظة من جهة ثالثة، كل هذا مجتمع يحتاج إلى جراءة كبيرة قد تصل حد الجنون، وهو إلى جانب ذلك يحتاج إلى تحد بقبول كل ما يترتب على اعتراف يعرّي الآخر، أياً كان هذا الآخر، ويفضح ممارساته! وكم هو باهظ ثمن قول الحقيقة!

ويشير الرفاعي إلى عدد من المحاولات لأدباء عرب كثر كتبوا عن سيرهم الشخصية، بدءاً بطه حسين، مروراً بغسان كنفاني وصنع الله إبراهيم ونبيل سليمان، وعالية ممدوح، وتركي الحمد، والأديبة ليلى العثمان في رواية «المحاكمة»، ويقول الرفاعي ان كل هؤلاء وغيرهم خاضوا في وجع تجاربهم الخاصة، وخلّدوا تلك التجارب، ودفع كلٌ منهم ثمنا يخصه!

وأخيرا يؤكد الرفاعي أن كل كاتب حرٌ بكتابة سيرة حياته، ولكنها سيرة متداخلة مع سيرة الآخر، فمن يعطيه الحق بالتعرض إلى أسرار حياة الآخر، الأم والأب والأخ والزوجة والعشيقة والصديق والزميل؟ كما أن المجتمعات البشرية تربت على طمر نتاج خبثها ودناءاتها، وويل لمن يتجرأ على كشف هذا الخبث وتلك الدناءات حتى لو كان صادقاً!

الكاتب العربي يتجمل

من جهتها، تؤكد الأديبة ليلى العثمان أن فن الاعتراف موجود في الثقافة الغربية بكثرة ولا ينفصل عن السيرة الذاتية، وترى العثمان أن الأديب أو الكاتب الغربي لديه مساحة من الحرية تمكنه من الاعتراف حتى بأكثر الأشياء قسوة على النفس، كما أن المجتمعات الغربية تتمتع بمساحة مقابلة من تقبل الرأي مهما كان، بل ينظر إلى الكاتب الذي يعترف بصدق على أنه يتمتع بالشجاعة ولا يصطدم مع المجتمع الذي يحترم شجاعة الكاتب في الاعتراف.

بينما تشير العثمان إلى صعوبة الوضع في عالمنا العربي، حيث من الصعب أن تجد كاتبا يكتب سيرته الذاتية ويعترف بصدق كامل، بل ترى أن هناك بعض الكتاب الذين يستخدمون التجميل عند الكتابة التي تخص سيرتهم وحياتهم الشخصية.

وتؤكد العثمان أن المجتمع العربي لا يتقبل شجاعة الكاتب، ويعتبر ما يكتبه من اعترافات بمنزلة الفضائح، ناهيك عن العامل الديني لكنها تؤكد أن المسألة نفسية أكثر منها دينية، والأهم أن اعترافات الكاتب العربي يمكن أن تسبب له الكثير من المتاعب كما حدث معها، عندما كتبت عن علاقتي بوالدي رفع علي أحد أشقائي دعوة قضائية بحجة الإساءة إلى الوالد، لهذه الأسباب لا يوجد لدينا أدب اعتراف.

المسطرة الغربية

الأديب والأكاديمي د. سليمان الشطي يشير إلى أن الاعتراف شيء معترف به في الثقافة المسيحية الغربية، ولذا ظهرت اعترافات القديس أوغسطس ثم جاء روسو واراد أن يعري نفسه باعترافاته، في العالم الغربي مثل هذه التعرية لها محاذير، ويتحفظ الشطي على مقولة ان أدب الاعتراف غائب تماما في الثقافة العربية، بل يؤكد أن هناك محاولات شخصية عديدة في هذا الإطار.

الإمام الغزالي في «المنقذ من الضلال» هي اعترافات لفيلسوف استبدت به الحيرة، وطه حسين في الأيام هي نوع من الأعترفات، وفي ثلاثية نجيب محفوظ سنجد الكثير من التجارب التي مر بها دون الإشارة إلى ذاته، حتي في العصر الحديث نجد الكثير من نماذج الاعتراف داخل الرواية كما في الخبر الحافي لمحمد شكري وسهيل إدريس في «أصابعنا التي تحترق».

الخلاصة في رأي الشطي أن أدب الاعتراف رغم أنه سباق في الغرب فان هناك محاولات موجودة له في العالم العربي، قد لا تكون من نوعية الاعتراف الصريح الطاغي لدى الغربيين، لأن في النهاية اعتراف الكاتب العربي عن نفسه لا يخصه وحده وإنما يشمل الآخرين أيضا، لكن هناك محاولات عربية قد تكون قليلة ولكنها موجودة وإن كانت ليست وفق المسطرة الغربية.

المصدر

إشادات إيرانية بالدور والجهود الكويتية وتأكيدات على أهمية التواصل الثقافي

  • طاهري: جامعة طهران ضمن أفضل 500 جامعة حول العالم
  • رقية: الإيرانيون يهتمون باللغة العربية أكثر من العرب
  • زنكني: تجربة الكويت مميزة في إشراك الشعب في صنع القرار
  • العسعوسي: قريباً أسبوع ثقافي كويتي في طهران
  • الملا: الإعلام أداة لتواصل الحضارات
  • داراري: توجد رغبة بين إيران والكويت لتطوير العلاقات الثقافية وحتى السياسية
  • على استعداد لقبول طلاب الكويت دون شروط وبلا محدودية
  • عزيزي: نأسف لعدم وجود تواصل علمي وثقافي مع دول الجوار العربية
  • سليماني: مصير المنطقة لا يتجزأ وإذا لم يوجد الأمن فيها فسيتجرأ العدو ليمد عدوانه الى دول الجوار
  • خاكرند: العربية أثرت بشكل كبير على الفارسية بحيث جعلت الفارسية القديمة تندثر
  • اذر: الكويت هي الوحيدة بين الدول العربية التي ساعدت إيران في تطوير قسم اللغة العربية
  • الثورات العربية تحركات عفوية وعشوائية ولا تحمل هدفاً
  • واقف: التوازن الثقافي بين الشيعة والسنة بالكويت يؤكد عدم وجود حساسيات دينية فيها
  • مكتبة طهران لديها 52 اتفاقية تعاون مع أهم المكتبات الوطنية في العالم وبها 6 ملايين ونصف المليون مجلد
  • بتول: جامعة الزهراء يتعلم فيها أكثر من 11 ألف طالبة وتمنح شهادات الليسانس والماجستير والدكتوراه
  • 52 قسماً للغة العربية على مستوى إيران والدستور الإيراني يشير إلى أن العربية وتدريسها واجبة في إيران

إيران – بشرى شعبان

8 أيام في «إيران» بلد التاريخ والحضارة

ثمانية ايام قضاها الوفد الثقافي الإعلامي الكويتي متنقلا بين معالم مدينة جمعت التاريخ والحضارة الى جانب الحداثة والتطور، مدينة تحدت الحصار المستمر عليها منذ 20 عاما، كما تحدت الحروب الطويلة والأزمات المتلاحقة لتخرج منها جميعا أقوى وأكثر تطورا، ولا يمكن ان تنكر التطور الكبير بهذه المدينة التي لم تخرج من الأزمات والحروب منذ عقود، انها مدينة طهران المتميزة الهادئة رغم الازدحام المروري، ينبهر الداخل اليها بما يشاهده من نهضة عمرانية وشبكات طرق متميزة وحركة لا تهدأ، لاسيما ان الزيارة تزامنت مع التحضير لاحتفال رأس السنة الفارسية عيد النوروز. الزيارة التي كانت بدعوة من المستشارية الثقافية الايرانية بالكويت أخذت شقين: الأول جولات سياحية شملت منزل مسجد الإمام الخميني وبرج الميلاد والمتحف العسكري ومتحف سعد اباد منزل الشاه، وتخت شمشيت وضريح الشاعر حافظ الشيرازي وقلعة الوكيل ومسجد قدري ملكه وقصر خانم زينت. والثاني لقاءات ثقافية في جامعة طهران والمكتبة الوطنية ورابطة الثقافة الايرانية الإسلامية وجامعة الزهراء. وتضمن هذه الزيارات مجموعة من اللقاءات الثقافية والندوات والمحاضرات.

البداية كانت من جامعة طهران، وبالتحديد كلية الفنون الجميلة وكلية الآداب والعلوم الإنسانية. حيث جمعنا لقاء تحدث خلاله د.محمد مهدي عزيزي رئيس كلية الفنون الجميلة عن تاريخ الكلية الذي يعود الى نحو 50 عاما ويضم 5 اقسام هي: الفن المعماري والتخطيط المدني والفنون المسرحية والموسيقى والفنون البصرية كالنحت وصنع التماثيل والتصوير، اضافة الى قسم التعليم المستقل والذي يشمل التصميم الصناعي. وقد خرجت الكلية كبار الفنانين الإيرانيين وفاز أغلبهم بجوائز في المهرجانات العالمية.

وأشار البروفيسور عزيزي الى ان تخصصات المعهد على علاقة وطيدة بالمجتمع وهي تعكس النمط الإيراني الذي يجمع الحضارة الإسلامية مع الحضارة الفارسية، مشيدا بالطلاب الذين يتفاعلون في المجتمع بوضوح وشفافية.

وأبدى عزيزي أسفه من ان ايران لم تستطع حتى الآن اقامة علاقات مع جيرانها العرب في المجال العلمي والثقافي، رغم ان لديها علاقات واتفاقيات تعاون مع جميع الدول الأخرى بما فيها الولايات المتحدة. مشيرا الى انه عائد للتو من كاليفورنيا حيث كان في مهمة علمية وبحثية بالجامعة هناك. وأبدى رغبة كبيرة في تأسيس كلية للفنون الإسلامية في دول الخليج العربي، منوها بدور الكويت. كما لفت الى ان كلية الفنون في جامعة طهران تضم احد اجمل متاحف الرسم في العالم.

من جهته تحدث رئيس المنظمة الثقافية الإيرانية الشيخ داراري عن التعاون الثقافي مع الكويت، مشيرا الى اتفاقية التعاون التي وقعت بين البلدين في عام 2001 وبعدها بدأ تبادل الوفود الثقافية.

مشيرا الى الأسبوع الثقافي الكويتي الذي ستستضيفه ايران بعد 3 اشهر، لافتا الى وجود رغبة بين ايران والكويت لتطوير العلاقات الثقافية وحتى السياسية.

كلية الآداب

بعد ذلك انتقل الوفد في محطته الثانية الى كلية الآداب والعلوم الإنسانية حيث استمع لشرح واف عن الكلية وتاريخها وتاريخ قسم اللغة العربية فيها والذي يعود الفضل فيه الى تعاون فريد من الكويت ممثلة بمؤسسة جائزة عبد العزيز البابطين للإبداع الشعري.

وقال د. محمد علي آذر الأستاذ في جامعة طهران ورئيس مركز الدراسات الثقافية الإيرانية- العربية ان الكويت هي الوحيدة بين الدول العربية التي ساعدت ايران في تطوير قسم اللغة العربية، حيث أقيمت عدة بحوث لتطوير اللغة بالتعاون القيم مع مؤسسة عبدالعزيز البابطين. مشيرا الى ان ايران وعبر جامعة طهران ستقوم قريبا بتكريم البابطين ومنحه دكتوراه فخرية تقديرا لجهوده. لافتا الى كتاب أصدرته جامعة طهران وجمعت فيه أغلب اسهامات عبدالعزيز سعود البابطين في ايران تحت عنوان «اللغة العربية والتواصل الحضاري».

ولفت آذر الى أهمية التعارف بين الإيرانيين والعرب عموما والكويتيين خصوصا لتبادل الثقافات واللغة والتقدم العلمي. معتبرا ان ما يجري من صراع سياسي حاليا انما هو صراع قبلي وليد التخلف الخضاري والتباعد الثقافي.

واشار الى انه أسس مركز الثقافات الإيرانية- العربية وكان مقره دمشق، الا ان ما يجري حاليا في سورية وضع حدا لنشاط المركز الذي يعتبر نافذة للإطلال على العالم العربي، وبالعكس. مبديا رغبة في ان يستعيد المركز نشاطه من خلال عاصمة عربية أخرى، غامزا من قناة الكويت لريادتها في احتضان الثقافات من خلال جامعة الكويت والمؤسسات الثقافية.

الشيخ داراي من جانبه تحدث عن نشاط المنظمة الثقافية الايرانية، لافتا الى ان طهران لديها 92 مركزا ثقافيا ناشطا في العالم، وان المنظمة تقوم بتطوير العلاقات الثقافية والعلمية وعقدت اتفاقيات مع عدة دول آسيوية لكنها تولي أولوية الى دول الجوار، كما ان للكويت مكانة عالية وسامية في هذا المجال.

وأشار الى استعداد المنظمة لعقد اتفاقية مع جامعة الكويت، وان الحديث بدأ في هذا الخصوص عبر التواصل مع مدير الجامعة د.عبداللطيف البدر، والذي بدوره سيقوم بزيارة قريبة الى جامعة طهران برفقة عدد من عمداء كليات الجامعة لوضع الأسس العريضة للاتفاقية التي ستتيح تبادل البعثات الدراسية بين البلدين، لافتا الى ان جامعة طهران على استعداد لقبول طلاب الكويت دون شروط وبلا محدودية. ويمكن للطلاب من خارج جامعة الكويت ان يحصلوا على منحة في جامعة طهران، بعد ان يقدموا طلب الانتساب الى المستشارية الثقافية الايرانية في الكويت التي تحدد المعايير اللازمة للقبول. واشار الى امكانية القيام بأبحاث مشتركة بين اساتذة جامعة الكويت وجامعة طهران، كما انه سيتم التواصل مع مؤسسة ترشيد النشر في طهران لبحث امكانية ترجمة النتاج الأدبي والفني الإيراني الى اللغة العربية وترجمة النتاج الأدبي الكويتي والعربي الى الفارسية.

ورد الشيخ داراي على سؤال حول ما اذا كانت السياسة تفرق في حين ان الثقافة والتاريخ يجمعان، ولماذا التمسك باستخدام عبارة الخليج الفارسي التي تستفز العرب باعتبار انه الخليج العربي، فأجاب الشيخ داراي انه لا يتكلم في السياسة في الصروح الثقافية، «لكن بما انني سئلت فإن الجواب هو ان إيران تلتزم التسمية المعتمدة في الأمم المتحدة رسميا على خرائطها، وعلى باقي الدول العربية الخليجية احترام المعاهدات الدولية لاسيما ما تعتمده الأمم المتحدة بهذا الخصوص».

2000 أستاذ بكلية الآداب

من جانبه، قال د.طاهري المساعد العلمي لكلية الآداب والعلوم الانسانية ان جامعة طهران تحتفل في عيدها الثمانين كنموذج للتعليم العالي، وتضم 2000 عضو في الهيئة التعليمية موزعين على اقسام مختلفة منها قسم اللغة العربية الذي يعنى بالأدب العربي والترجمة. ويدرس في كلية الآداب والعلوم الإنسانية طلاب من مختلف بلدان العالم في اختصاصات الفلسفة والآثار والانسانيات والثقافة واللغات القديمة. ويبلغ عدد أفراد الهيئة التعليمية نحو 90 دكتورا وأستاذا جامعيا، لافتا الى ان جامعة طهران هي من ضمن افضل 500 جامعة حول العالم وتفتخر بأنها خرجت عددا من الاعلام والآباء والمفكرين.

وقال ان كلية الآداب بإمكانها ان تقدم منحا لطلاب الكويت الراغبين في الدراسة لمدد قصيرة (نصف سنة او سنة) لتعلم اللغة الفارسية، مشيرا الى ان شروط قبول الطلاب تعتمد على معايير بسيطة تحددها المستشارية الثقافية الإيرانية في الكويت بناء على معطيات مقدم الطلب.

تطوير العلاقة بين البلدين

وفي اليوم الثاني حط الوفد الثقافي الكويتي رحاله في زيارة الى رابطة الثقافة والعلاقات الاسلامية والتي تعد بمنزلة وزارة خارجية للشؤون الثقافية في ايران، وشارك الوفد في ندوة حول سبل تطوير العلاقات الثقافية بين ايران والكويت.

وتحدث نائب رئيس مركز الانماء العلمي والجامعي في الرابطة قهرمان سليماني الذي رأى ان الكويت تعيش في مفكرتها الثقافية والسياسية مناسبات عظيمة وجليلة، في اشارة الى العيد الوطني، متمنيا دوام العزة والاستقرار والازدهار لها، وهي البلد الذي مر بظروف قاسية وصعبة منها الغزو الصدامي لها.

وقال سليماني ان مصير المنطقة لا يتجزأ، واذا لم يكن هناك امن فيها فإن العدو سيتجرأ على ان يمد عدوانه الى دول الجوار، مشيرا الى ان الدول تستطيع ان تغير عاداتها وتقاليدها لكنها لا تستطيع ان تغير الجغرافيا، ومن هذا المنطلق فإن الكويت وإيران محكومتان بالعيش في سلام وحسن الجوار الذي يتطلب علاقات ممتازة بينهما في جميع المجالات، وهذا الامر قائم منذ الثورة الإسلامية في إيران، وخير دليل عليه الاتفاقيات الثنائية الموقعة اضافة الى تبادل الوفود، مشيرا في الوقت عينه الى الحاجة لبذل المزيد من الجهد وتكثيف الزيارات والأنشطة والاسابيع الثقافية بين البلدين.

وأبدى سليماني أمله في ان يكون التعاون ايضا بين منظمات المجتمع المدني وليس فقط على الصعيد الرسمي، منوها بمؤسسة عبدالعزيز البابطين التي نظمت في السابق ندوة للشعر الشيرازي في طهران وكذلك في الكويت.

بدوره، تحدث الاستاذ محمد خاكرند المستشار الثقافي الإيراني في الكويت سابقا، حيث اعتبر ان الحديث عن اقامة علاقات ثقافية بين البلدين تخطاه الزمن، اذ ان العلاقات موجودة منذ فترة طويلة، منوها بريادة الكويت في منطقة الخليج في حركة الفن والفكر والابداع من خلال انتاجها الفكري واصداراتها المميزة ومنها على سبيل المثال لا الحصر الصحف ومجموعة عالم الابداع ومجلة العربي.

وقال خاكرند ان المستشارية في الكويت دأبت منذ تأسيسها عام 1990 على تعزيز التلاقح الثقافي والحضاري، مشيرا الى ان الثقافة الفارسية معين لا ينضب وان هناك حركة تأثير وتأثر بينها وبين الثقافة العربية حيث امتزجتا عبر العصور منذ ان مزج الإسلام بينهما، كما ان العديد من المفكرين وبينهم ابو حنيفة النعمان تبنوا أهداف الرسالة الإسلامية السامية، كما ان رواد النهضة العربية اهتموا بالثقافة الفارسية ومنهم على سبيل المثال محمود سامي البارودي وعبد الوهاب عزام والكواكبي والامام محمد عبده.

وقال ان اللغة العربية اثرت بشكل كبير في اللغة الفارسية بحيث جعلت الفارسية القديمة تندثر، ونجد اليوم الكثير من المفردات الفارسية هي مفردات عربية في الأساس.

وختم خاكرند حديثه بالقول انه لابد للنخب الفكرية في البلدين خصوصا في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة، ان تعمل على إزالة التوتر وبناء الثقة وتقليص المخاوف بين الشعوب.

حسن الجوار

وكان للدكتور شبيب الزعبي تعقيب حيث اعتبر انه اذا تصافت القلوب يمكن الوصول الى الهدف وهو الوصول الى التعايش بمحبة واحترام وحسن الجوار والتنسيق والتواصل الفكري والحضاري والاجتماعي، وكمثقفين فإن علينا مسؤولية كبيرة لتحقيق الهدف. و«بالثقافة يتعلم الانسان كيف يتأدب».

للكويت ميزة خاصة

كان للصحافي الايراني والكاتب صلاح زنكني مداخلة خلطت السياسة بالثقافة والاقتصاد فقال ان للكويت ميزة كبيرة هي احتضان الادباء والشعراء الفارين من بلدانهم كما فعلت مع الشاعر العراقي بدر شاكر السياب.

ومن الثقافة انتقل زنكني ليمرر رسائل سياسية، حيث اعتبر ان منطقة الخليج ليست منغلقة على العالم، بل هي منفتحة بأقصى الحدود، وهي تتمتع بموارد مهمة لا بد من ادارتها لتحقق من خلالها تنمية داخلية يجعلها مكتفية ذاتيا وامنيا.

وتساءل عن كيفية الحصول على هذا الامر ليجيب أن المنطقة تعيش تحديات لا يمكن ان يغفل عنها المثقفون. مضيفا ان العالم الذي نعيشه لا يمكن ان يتحمل اقصاء شعب بكامله عن المشاركة في صنع القرار السياسي. منوها بالتجربة الجيدة والمميزة للكويت في هذا الاطار، وقال انها يجب الا تبقى عند هذا الحد بل يجب تطويرها.

وتحدث رنكني عما يجري في المنطقة من ربيع عربي وثورات اطلق عليها مصطلح «فورات» عربية كونها تحركات عفوية وعشوائية ولا تحمل هدفا كالثورة الفرنسية او الثورة الاسلامية في ايران.

لافتا الى ان الكويت كانت لها مبادرات ايجابية لبناء الثقة وبناء الامن الاقليمي.

وعلّق محمد العسعوسي بالقول يجب الا نكتفي بإقامة نشاطات ثقافية متبادلة تزول مفعولها عند انتهاء فترتها، بل يجب التركيز على اقامة مشاريع ثقافية وبحث علمي مشترك يترك بصمة للاجيال القادمة كمشروع للترجمة من الفارسية الى العربية وبالعكس. منوها بدور المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب.

وتساءل الزميل ناصر العبدلي لماذا لم تنتقل ايران من مرحلة الثورة الى مرحلة الدولة.. ولماذا دستور ايران لا يحترم الاقليات ولا يأتي على ذكرهم. وكان لزنكني رد مقتضب ايضا بأن استمرار الثورة في ايران هو بهدف جعل كل مشروع للتنمية الداخلية عمل جهادي، وهذا يجعل البلد يتطور بسرعة وتنجز ولا تقع في فخ البيروقراطية، فبناء جسر يمكن ان يأخذ وقتا طويلا اذا ما سلك طريق البيروقراطية، اما اذا سوق كعمل جهادي فإنه ينجز في فترة قياسية وبمواصفات عالية.

المحطة الثالثة

والمحطة الثالثة الثقافية للوفد كانت في المكتبة الوطنية في طهران حيث التقى رئيسها د. واقف الذي اشاد بالتواصل الاجتماعي والتراثي القديم بين الشعبين الكويتي والايراني بسبب القرب الجغرافي، مشيرا إلى انه بحسب الاحصائيات فإن الكويت لها مكانة متقدمة عن باقي دول الخليج حيث ان نسبة المتعلمين فيها كانت 72 % في التسيعنيات من القرن الماضي اما اليوم فهي 90 % وهذا ما يؤكد التطور الحاصل في هذا المجال.

واشار واقف إلى ان التوازن الثقافي بين الشيعة والسنة في الكويت يؤكد عدم وجود حساسيات دينية فيها، وان وصول الكويت إلى هذه المكانة الثقافية يبين ان هناك مجالات كثيرة للتعاون بينها وبين ايران، مؤكدا ان رؤية النظام السياسي في طهران هدفه الوصول إلى تقوية العلاقات والتواصل، وان المكتبة الوطنية في طهران ومنظمة الوثائق يمكن ان تكون مركز انطلاق لهذا الهدف.

وسلّم واقف رئيس الوفد محمد العسعوسي مسودة اتفاقية للتعاون يمكن توقيعها مباشرة بعد دراستها من الجانب الكويتي واقتراح التعديلات عليها. مشيرا إلى ان مجالات التعاون كثيرة منها تبادل الكتب والارشيف الالكتروني والكتب التي تم انجازها بتقنية الديجيتال.

وسلّم واقف العسعوسي نسخة الكترونية لعناوين الوثائق والكتب الكويتية الموجودة في مكتبة طهران. مشيرا إلى ان الموقع الالكتروني لمكتبة الكويت الوطنية موجود ضمن قائمة المواقع المكتبية المهمة على موقع مكتبة طهران. واضاف ان الكويت سلمت ايران عبر السفارة والمستشارية الثقافية عددا من الكتب القيمة ايضا.

وقال واقف ان مكتبة طهران لديها نحو 52 اتفاقية تعاون مع اهم المكتبات الوطنية في انحاء العالم.

وتحدث واقف عن مكتبة طهران حيث قال انها تحوي 6 ملايين ونصف المليون مجلد و52 مليون عنوان كتاب و800 مليون وثيقة اضافة إلى مخطوطات تاريخية. مشيرا الى بعض الكتب هي بالطباعة بالنظام القديم وعضها الآخر بالطباعة الحديثة ناهيك عن الكتب الالكترونية. ولفت إلى ان 37 الف كتاب ومخطوطة تم تحويلها إلى الكترونية عن طريق المسح الضوئي (سكانر). وقال ان المكتبة تسعى لتحويل اكبر كم ممكن من الكتب إلى تقنية الديجيتال كي تتيح فرصة الاستفادة منها لجميع الراغبين حول العالم. وقال انها تقوم بنشر جميع الكتب التي مر اكثر من 15 عاما على نشرها مع الاحتفاظ بحقوق النشر للمؤلف او دار النشر الاسياسية.

وكان للوفد الكويتي فرصة التعرف على جامعة الزهراء وطلاب وهيئة التعليم في قسم اللغة العربية وآدابها، وإلقاء محاضرة تعريفية عن الثقافة الكويتية في مجال اللغة والشعر والمسرح والاعلام المكتوب والتلفزيوني.

وقدمت د.بتول نبذة عن الجامعة التي تأسست قبل 50 عاما تحت اسم جامعة فرح تيمنا بزوجة الشاه قبل ان يتم تغيير اسمها إلى جامعة الزهراء بعد الثورة الإسلامية. وقد تبرع احد وجهاء طهران بمساحة كبيرة من الارض لتبنى عليها جامعة خاصة بالبنات اذ ان الكثير من الأسر المحافظة لم تكن تسمح لبناتها بالذهاب إلى الجامعات المختلطة. وتضم الجامعة اليوم مركزا بحثيا في قضايا المرأة والأسرة ويتعلم فيها اكثر من 11 ألف طالبة وتعطي شهادات الليسانس والماجستير والدكتوراه.

وقال ان هناك 52 قسما للغة العربية على مستوى إيران حيث ان الدستور الايراني وخصوصا المادة 16 منه تشير إلى ان اللغة العربية وتدريسها واجبة في إيران. كما ان اكثر من 8 جامعات في إيران تدرس اللغة العربية على مستوى الدكتوراه منها جامعة الطبطبائي وجامعة الامام الصادق. وهناك 37 مجلة تنشر باللغة العربية.

وأشارت بتول إلى ان هناك جمعيات غير حكومية تدعم اللغة العربية في ايران منها جمعية النقد الأدبي والجمعية الايرانية باللغة العربية وآدابها اضافة إلى مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين للشعر. كما توجد دور نشر خاصة لنشر النتاج العربي.

وتحدثت د.بتول عن المشاكل التي تواجهها اللغة العربية في ايران وبينتها بقلة المصادر وامتناع الدول العربية المجاورة عن المساعدة في هذا المجال. مشيرة إلى ان الكويت لم ترد على طلب جامعة الزهراء لإيفاد طلاب منها الى الكويت لإقامة مخيم تعليمي للغة. لافتة الى ان سلطنة عمان ردت على الطلب نفسه بالإيجاب.

من جانبها، قالت د.رقية ان الايرانيين يهتمون باللغة العربية اكثر من العرب، حيث ان العرب لا يتقنون الفصحى ويتكلمون باللهجات العامية ولا يعملون على تطوير المصطلحات.

وعلى الصعيد الكويتي قالت د.رقية ان الكويت لا تشارك بفاعلية في معارض الكتب في ايران، ومنذ اربع سنوات وافقت جامعة الكويت على تقديم 3 مقاعد لطالبات من جامعة الزهراء لمدة سنة ليتعلمن اللغة والمحادثة. وان هناك عددا من اساتذة الجامعة ومنهم د.خالد الفضلي والدكتورة الاديبة خولة القازوجي وفاطمة العلي ومؤسسة البابطين يأخذون على عاتقهم اقامة دورات باللغة العربية لطالبات من جامعة الزهراء.

وأشارت الى ان الجمعية الإيرانية للغة العربية قررت ولمدة سبع سنوات قادمة ان تخصص سنة كاملة لدراسة الأدب الجزائري والأدب اللبناني والأدب المصري والأدب الكويتي على سبيل المثال.

وكان لكل من د.طيبة الصادق ود.صلاح الفضلي ود.حصة الملا مداخلات ركزت على شرح انجازات الكويت في مجال اللغة والثقافة العربية والتبادل الحضاري.

وأشارت د.طيبة الى دور الكويت في تنمية اللغة العربية ونشرها عبر مجلة العربي ومجموعة افتح يا سمسم والمؤسسات التي ساهمت في ذلك مثل مؤسسة التقدم العلمي ودار سعاد الصباح للنشر والتوزيع وغيرها .

كما أشارت الى دور جامعة الكويت والمعهد التطبيقي والحركة الطلابية في الكويت على تطوير اللغة والتواصل الحضاري، منوهة الى حركة التأثير والتأثر بين اللغتين العربية والفارسية وان الكويتيين يستخدمون حتى الآن كلمات ومصطلحات فارسية مثل دروازة وشرشوب وروزنامة.

من جانبها تحدثت د.حصة الملا الأستاذ المساعد في قسم النقد والأدب المسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية عن تاريخ المسرح والتلفزيون في الكويت، وقالت ان التلفزيون والمسرح بدآ في الخمسينيات وبدآ التركيز على تطويرهما، حيث كانا ومازالا يشكلان امتدادا للثقافة العربية والإسلامية بشكل عام والثقافة في شبه الجزيرة العربية بشكل خاص، مشيرة إلى ان طبيعة الموقع الجغرافي للكويت يخصها بالتواصل مع باقي الحضارات ومنها الحضارة الفارسية.

وأشارت الملا إلى ان المسرح الكويتي يعد الأقدم خليجيا، حيث تأسس عام 1922 بجهد كبير من الأستاذ حمد الرجيب وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل آنذاك والذي طلب من الفنان زكي طليمات الإعداد لذلك، حيث قدم طليمات مقترحا لإنشاء معهد الفنون المسرحية وآدابها وبدأ بإرسال بعثة استكشافية للتدريب في مصر ودول عربية اخرى. ثم أنشأ المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1975. وفي مجال السينما فإن تجارب الكويت قليلة ومنها فيلم «بس يا بحر» في السبعينيات. وعلى صعيد التلفزيون كان تلفزيون الكويت الأول في الخليج العربي 1961 وهو راعي الإنتاج التلفزيوني الخليجي، والإعلام الكويتي يشكل نقطة بارزة في الثقافة الكويتية.

بدوره تحدث د.صلاح الفضلي من جامعة الكويت عن عوامل التفرقة وعوامل الوحدة بين الحضارة العربية والفارسية ودور الثقافة. مشيرا إلى الكثير من المشتركات التي تجمع بينهما ومنها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والمصير المشترك. كما لفت إلى التحديات التي تقوم على التفرقة القومية الناتجة عن وجود فجوة بين المجتمعات الناطقة باللغة العربية والمجتمعات الإسلامية الأخرى. وقال ان الحراك الثقافي في ايران امر مشهود له ولكن النتاج الفكري والأدبي يبقى باللغة الفارسية وللأسف هناك تقصير في ترجمته إلى اللغة العربية، كما ان هناك تقصيرا في نقل النتاج العربي إلى اللغة الفارسية، متسائلا: لماذا لا تصدر ايران لجيرانها العرب ما تنتجه من ادب وفكر؟

وقال الفضلي ان التحدي الثاني هو التفرقة واللعب على الوتر الطائفي ومحاولة تمزيق الأمة الإسلامية، لافتا الى ضرورة ان تلعب الثقافة دورا في إصلاح ما أفسدته السياسة والعمل على ابراز هوية الإسلام الأساسية التي هي المحبة والتسامح والسلام بدلا من دعوات القتل التي نسمعها ونراها اليوم ترتكب باسم الإسلام وهو منها براء. مشيدا في ختام حديثه بأن يكون في ايران برنامج دكتوراه في اللغة العربية بينما لا يوجد ذلك في الكويت.

نشاطات ثقافية مشتركة قريباً

يقول رئيس الوفد الأمين العام المساعد لقطاع المسارح في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب محمد العسعوسي ان الزيارة حققت أهدافها من حيث التواصل مع الجانب الايراني لتطوير العلاقات الثقافية والأدبية، وتنفيذ الاتفاقيات والبروتوكولات الموقعة بين الكويت وايران. مشيرا الى عدد من النشاطات التي ستقام في المستقبل القريب ومنها استضافة طهران للأسبوع الثقافي الكويتي خلال الأشهر الستة القادمة، اضافة الى دراسة توقيع بعض الاتفاقيات لتبادل الخبرات والنتاج الفكري بين البلدين كإقامة مركز متخصص للترجمة من الفارسية الى العربية والعكس.

من جانبها، قالت الأستاذ المساعد في قسم النقد والأدب المسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية د.حصة الملا ان الإعلام هو الاداة التي يمكن التواصل من خلالها بين الحضارات، وكذلك الفنون والآداب البصرية والتواصلية التي يمكن ان تسهل التواصل بين الشعبين الإيراني والكويتي.

 

أعضاء الوفد الكويتي

ضم الوفد الأمين العام المساعد لقطاع المسارح في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب محمد العسعوسي، والأستاذ المساعد في قسم النقد والأدب المسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية د.حصة الملا، ومراقب العلاقات الثقافية الخارجية في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب محمد بن رضا، ورئيس منظمة الحرية لحقوق الإنسان د. شبيب الزعبي، ود.صلاح الفضلي من جامعة الكويت، ود.طيبة الصادق استاذ مساعد في قسم اللغة الانجليزية بكلية التربية الأساسية (جامعة جابر)، والأستاذ جعفر رجب رسام كاريكاتير وكاتب صحافي، إضافة إلى الناشطة الاجتماعية فوزية الحبيب والزميل الكاتب والإعلامي ناصر العبدلي والزملاء الصحافيين وليد قرضاب من جريدة القبس وعبدالله الراشد من «الراي»، وحمد الجدعي من «الوطن» وبشرى شعبان من «الأنباء» وعمر الرشيدي من «الصباح» والمستشار الإعلامي عبدالغني سعودي وطلال السنافي من وكالة كونا.

إشادات إيرانية بالدور والجهود الكويتية وتأكيدات على أهمية التواصل الثقافي
الوفد خلال لقاء الجامعة
الزميلة بشرى شعبان والزميل ناصر العبدلي امام مجسم صورة القلم بالمكتبة الوطنية
الزميلة بشرى شعبان والزميل ناصر العبدلي امام مجسم صورة القلم بالمكتبة الوطنية
الوفد مع قسم اللغة العربية بجامعة البنات
الوفد مع قسم اللغة العربية بجامعة البنات
درع من الجامعة الى رئيس الوفد محمد العسعوسي
درع من الجامعة الى رئيس الوفد محمد العسعوسي
داخل المكتبة الوطنية الإيرانية
داخل المكتبة الوطنية الإيرانية
رئيس الرابطة الثقافية الإيرانية الاسلامية الشيخ داراري مع الوفد
رئيس الرابطة الثقافية الإيرانية الاسلامية الشيخ داراري مع الوفد
مجسم لعناوين الكتب
مجسم لعناوين الكتب
الزميلة بشرى شعبان امام احد مساجد طهران التاريخية
الزميلة بشرى شعبان امام احد مساجد طهران التاريخية
 اجتماع في الرابطة الثقافية الإيرانية العالمية
اجتماع في الرابطة الثقافية الإيرانية العالمية
ندوة بجامعة طهران
ندوة بجامعة طهران
الزميلة بشرى شعبان في حرم جامعة الزهراء
الزميلة بشرى شعبان في حرم جامعة الزهراء
الوفد امام المكتبة الوطنية
الوفد امام المكتبة الوطنية
فرع المكتبة الالكترونية
فرع المكتبة الالكترونية
مجسم لأكبر مصحف
مجسم لأكبر مصحف
مسجد شهداء الحرب مع العراق داخل الجامعة
مسجد شهداء الحرب مع العراق داخل الجامعة
داخل خزينة المخطوطات بالمكتبة
داخل خزينة المخطوطات بالمكتبة
مدخل جامعة طهران
مدخل جامعة طهران
مبنى الجامعة
مبنى الجامعة

المصدر

ظاهرة ثقافية متعددة النوافذ

احتفى مهرجان القرين 19 بالأديب الراحل عبد الله زكريا الأنصاري من خلال إقامة منارة احتضنتها المكتبة الوطنية، المنارة التي قدمها د. خالد عبد اللطيف رمضان تضمنت محاضرتين:

الأولى عن الجانب الإنساني والإجتماعي للأنصاري وقدمها زوج ابنته د. بدر الخليفة، والثانية عن تجربته الشعرية وقدمها د. عبد الله المهنا.

في المحاضرة الأولى التي حملت عنوان «الجانب الإنساني والاجتماعي لعبدالله زكريا الأنصاري» تحدث د. بدر الخليفة عن علاقته بالراحل والتي جاءت بحكم المصاهرة واتصلت لمدة 30 عاما، وقال الخليفة: إن هذه السنوات كانت كافية لمعرفة شخصية الراحل وما تميز به من مزايا إنسانية وأخلاقية راقية.

وتحدث الخليفة عن عشق الراحل للغة العربية وتصحيحه للأخطاء التي كانت ترد في الصحافة الكويتية أثناء قراءته لها، كما تحدث عن عشقه للكتب وأنه ترك مكتبة تضم 14000 كتاب، وأكد الخليفة أن المكتبة تم تصنيفها وسيتم وضعها على الإنترنت للباحثين كصدقة جارية عن الراحل.

كما تناول ديوانية الأنصاري التي وصفها بأنها ديوانية وطنية وقومية وأنها تميزت بحضور شخصيات شهيرة من داخل الكويت وخارجها مثل: جاسم القطامي وعبد الرحمن العتيقي وعبد العزيز الصقر ، ومحمد حسنين هيكل والسياسي اللبناني الراحل كمال جنبلاط وأحمد بهاء الدين واحمد الشرباصي.

 

مرجعية مثيرة للجدل

وبعد أن تم عرض فيلم وثائقى من إعداد المجلس الوطني عن الراحل تحدث د. عبد الله المهنا في محاضرة بعنوان «تجليات الواقع في التجربة الشعرية عند عبد الله زكريا الأنصاري» اكد فيها أن الأنصاري ظاهرة ثقافية متعددة النوافذ وأنه كان صاحب بصيرة ثاقبة في فهم حركة الشعر العربي القديم وقضاياه وتياراته المختلفة.

وأشار المهنا الى أن الأنصاري لم يكن يدير ظهره للحداثة الشعرية ولكنه كان مع الحداثة التي تستمد جذورها من التراث العربي، وأكد المهنا أن المرجعية الثقافية عن الأنصاري واسعة وشائقة ومثيرة للجدل بما تحمله من قضايا فكرية وسياسية وإنسانية.

وتحدث المهنا عن رحلة الأنصاري مع الشعر حيث وصف تجربته الشعرية بأنها ظلت حاضرة تفرض وجودها عليه إبداعا فوق إبداع حتى أصبحت المجلات الثقافية تتلفت الى إنتاجه الشعري داخل الوطن وخارجه.

 

الصمت الشعري

وقال المهنا ان الأنصاري رغم أن نفسه الشعري يفوق الكثيرين من شعراء جيله فإن إصراره عن إصدار ديوان شعري رغم إلحاح محبيه حال دون أن يتصدر المشهد النقدي طوال حياته، ولم يقتنع سوى في آخر حياته بجمع شعره من خلال كتاب «مرايا الذات» الذي أعدته د. سهام الفريح.

وتحدث المهنا عما وصفه بظاهرة الصمت الشعري حيث يظن الشاعر ان موهبته شاخت وماتت ولكنه فجأة ينفجر شعرا.

وتحدث المهنا عن روح الدعابة التي كان يتمتع بها الأنصاري والتي تتضح من خلال شعره كتلك الأبيات التي يصف فيها المشهد الشعري على أثر الضجة الكبري التي أثارها الشعر الجديد:

وشعر يغوص وشعر يلوص

وشعر يبغبغ كالببغاء

وشعر يطير وشعر يحط

وشعر يقرفص كالقرفصاء

وشعر يرن وشعر يون

وشعر يطن وشعر خواء

وأشار المهنا إلى ان ظاهرة الحب احتلت مساحة واسعة من شعر الانصاري واعتمد في ذلك على اسلوب الحوار مع النفس أو المرأة، ولفت المهنا النظر إلى المفهوم الغرائبي لمعنى الحب في شعر الأنصاري وعزوه الحب إلى قوى خفية ليس بمقدور المحب التعليل بها أو تجاوزها.

 

رمضان يعتذر

وعند انتهاء المحاضرتين وبعد أن اعتذر للجمهور عن الأخطاء النحوية التي وردت على لسان المذيعة التي قرأت مادة الفيلم الوثائقي، فتح د. رمضان الباب للمداخلات، حيث أكدت الكاتبة ليلى محمد صالح ان الراحل كان من أكثر المشجعين للكتابة النسائية.

بينما أثار الروائي والقاص طالب الرفاعي المفارقة اللافتة في حياة الأنصاري والتي تختبئ وراء صفة الإيثار التي يتمتع بها، حيث اشار إلى أن الانصاري الذي كان يمتنع عن نشر ديوانه الشعري يعود من القاهرة إلى الكويت بحثا عن شعر فهد العسكر، وقال الرفاعي ان الأنصاري خلد الشاعر فهد العسكر وقدم خدمة رائعة للحركة الشعرية الكويتية والعربية بجمع شعر العسكر.

 

التأخر في نشر الإبداع

من جانبه, أشار د. خليفة الوقيان إلى أن قضية التأخر في نشر إنتاج بعض ادباء الكويت اثر في احتلال الكويت المكانة الأدبية التي تليق بها، وقال الوقيان ان هذا حدث مع الأنصاري واحمد العدواني ومحمد الفايز ولذا لم يصل إنتاجهم للخارج رغم ما يتمتعون به من قامات ادبية.

ولاحظ الكاتب خليل حيدر وجود فجوة بين نثر وشعر الأنصاري وأنه رغم اهتمام الأنصاري بشعر العسكر فإنه لم يتأثر بآرائه الجريئة وظل اختياره محافظا، بينما طالب أمين عام رابطة الأدباء الكويتيين صالح المسباح بإصدار كتاب توثيقي مصور يضم الصور النادرة التي تجمع الراحل بأصدقائه ومعارفه.

 

سطو على «مرايا الذات»

نبه الزميل محمود حربي إلى معلومة تغيب عن الكثيرين وهي أن الأنصاري كان علما من أعلام حركة أبوللو الشعرية، كما اشار حربي إلى أن كتاب «مرايا الذات» الذي أعدته د. سهام الفريح عن الأنصاري أصدره المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عام 2003 وهو المالك لكل حقوق النشر، بينما الفيلم الوثائقي الذي عرض يشير إلى أن الكتاب صدر عام 2012 كطبعة أولى عن طريق احدى دور النشر وهو ما يعتبر سطوا على حقوق المجلس الوطني.

المصدر

مجلة البابطين الثقافية الالكترونية
%d مدونون معجبون بهذه: