عزيزة علي
عمان – قال الروائي والقاص جمال ناجي، إن ترجمة قصصه إلى اللغات الأجنبية، فيها نوع من التفاعل بين الثقافات، بما يحمل هذا التفاعل من مدلولات الاعتراف بحضور القصة العربية وأهميتها.
وأضاف لـ”الغد”، إنه “ربما آن الأوان لترجمة مزيد من الأعمال الإبداعية العربية إلى لغات العالم، فقد تأخرنا كثيرا”.
وكان ناجي يعلق على أمسية قصصية أقيمت مؤخرا في العاصمة البلغارية صوفيا، ناقش فيها مشاركون خمسا وعشرين قصة قصيرة لناجي مترجمة إلى اللغة البلغارية، فيما تعذر عليه هو حضور هذه الأمسية.
وأدار الأمسية التي أقيمت في “Royal Piano Club” الكاتبة مارياداميانوفا بمشاركة الروائي خيري حمدان وحشد من الأكاديميين والمثقفين البلغار. كما أقام نادي القلم في قصر الثقافة / صوفيا في الرابع من الشهر الحالي، حفل تعريف بقصص ناجي المترجمة بمشاركة الناشر “غيورغي ميليف” والبروفيسور “أنا كريستيفا”، حيث جرى نقاش موسع للقصص ولأبعادها الإنسانية والسياسية والنفسية والاجتماعية.
ناجي بين أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها ترجمة أعماله إلى لغات أجنبية. وقال “ترجم العديد من قصصي إلى الانجليزية والفرنسية والتركية والاسبانية، لكن هذه هي المرة الأولى التي تترجم فيها قصصي إلى البلغارية، وهو أمر جيد”.
وحول ترجمة الأدب الأردني إلى لغات أجنبية، رأى ناجي أن “الناشرين الأجانب باتوا يقومون بما لم تقم به مؤسساتنا الثقافية؛ الرسمية على وجه الخصوص، التي لم تبذل أي جهد في سبيل تقديم كتابنا وآدابنا إلى العالم، وهو أمر جدير بالتساؤل حول حقيقة الدور الذي تقوم به هذه المؤسسات”.
وبين ناجي أن الأعمال الإبداعية الأردنية والعربية تشق طريقها إلى العالمية بخجل وبطء بسبب انعدام الدور المؤسسي المحلي والعربي الذي لم يرتق إلى مستوى النمو الكبير في المنجز الإبداعي، معتبرا أن الترجمات تسهم في نقل أفكار الكاتب وتجاربه إلى الثقافات الأخرى، بما يعني أننا لم نعد مجرد مستقبلين للآداب العالمية إنما شركاء في صياغتها.
وحول المجموعة المترجمة، قال ناجي المجموعة حملت عنوان (المستهدف) وتتكون من 25 قصة تم اختيارها من المجموعات القصصية التي أصدرها على فترات متباعدة: رجل خالي الذهن 1989، رجل بلا تفاصيل 1994، ماجرى يوم الخميس2006، المستهدف 2008″.
ولفت إلى الثيمة الرئيسة في القصص هي “المفارقة المركبة (النفسية- الاجتماعية- الإنسانية)، وهي ثيمة تتنقل بين الأحداث بأشكال مختلفة في كل قصة، لكنها في النهايات تلتئم لتشكل واقعا جديدا ومحصلات مغايرة لما يتوقعه القارىء”.
وحول الأمسيتين اللتين أقيمتا في مدينة صوفيا، واللتين تعذر عليه حضورهما، قال ناجي “وجهت لي الدعوة إلى صوفيا من أجل توقيع هذه القصص بعد صدورها، لكنني لم أتمكن من الذهاب بسبب تقاطعات مواعيدي واكتفيت بإرسال كلمتي باللغة العربية حيث تمت ترجمتها وقراءتها بالبلغارية في الأمسيتين كما نشرت في عدة مواقع الكترونية بلغارية”.
وتحدث ناجي في الكلمة التي قرأت في الأمسيتين عن تجربته في الجمع بين كتابة القصة والرواية، لافتا إلى “تجربة الجمع بين القصة والرواية أوجدت لدي فهما ربما يكون مختلفا عما هو متداول إزاء هذين النوعين الإبداعيين، فعلى الرغم من كل ما قدمه النقاد والدارسون من توضيحات حول الفوارق الأساسية بين الرواية والقصة، وضرورة فض الاشتباك بينهما، اعتبارهما جنسين أدبيين مختلفين، إلا أن الفهم السائد ظل يرتكز إلى طول النص أو قِصره، لا إلى خصوصيته أو طبيعته من حيث: كثافته وتوظيفه للحدث المشحون واللغة المتنصلة من كل الزوائد في القصة القصيرة، وتمدده واعتماده على جملة من العناصر المتواشجة في الرواية، سواء على مستوى تصميم وتوالد الشخوص والأحداث، أم على مستوى علاقاتها مع الزمان والمكان اللذان يشكلان عنصران أساسيان في الرواية”.
ولفت إلى أنه الرواية، كذلك، تحتوي على ما يمكن تسميته بزراعة بذور أحداث وشخصيات تنمو وتكبر وتعمر، وربما تموت لتولد بدائل لها، وهو ما لا نجده في القصة القصيرة، من دون إغفال الاختلافات النوعية والشكلية بين الأدوات المستخدمة في تشييد كل من المعمارين القصصي والروائي.
وزاد “أمر آخر أدى إلى الخلط بين ما هو قصصي وروائي، إنه القاسم السردي المشترك الذي استفادا منه على مدى تاريخهما الطويل نسبيا، مع أن هذا القاسم ليس حكرا عليهما، إنما هو متاح للأجناس الكتابية الأخرى، بما فيها الشعر والمسرح والدراما وسواها، فكثيرا من القصائد تبنى على متون سردية رغم صياغاتها الشعرية ومتطلبات الوزن والإيقاع، كما أن المسرح يوظف السرد بطريقته وفقا لاحتياجاته الأدائية، وهو ما ينطبق أيضا على الدراما التي لا تستقيم من دون الاستعانة بالسرد الذي يتم تحويله إلى مشاهد وحواراتِ وأحداث وصور متسلسلة، ولست أدري لماذا لا نتذكر ذلك القاسم السردي المشترك إلا حين نتحدث عن القصة والرواية، مع أنه ليس قاسما رياضيا ولا أعظما ولا حكرا على هذين النوعين الأدبيين”.
يذكر أن ناجي روائي وقاص أردني، بدأ الكتابة الروائية منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي، وكتب أول رواية له في العام 1977 بعنوان “الطريق إلى بلحارث” ونشرت في العام 1982، “وقت”، في العام 1984، “مخلفات الزوابع الاخيرة”، 1988، “الحياة على ذمة الموت”، في العام 1993، “ليلة الريش”، في العام 2004، “عندما تشيخ الذئاب”، 2008، “سنوات الإنهاك”، وفي مجال القصة القصيرة صدر له “رجل خالي الذهن” في العام 1989، “رجل بلا تفاصيل”، في العام 1994، “ما جرى يوم الخميس”، في العام 2006.
كتب سيناريوهات تلفزيونية منها “وادي الغجر”، في العام 2006، “حرائق الحب”، في العام 2008، وحصل ناجي على العديد من الجوائز منها الجائزة التقديرية لرابطة الكتاب الأردنيين، في العام 1985، وجائزة الدولة التشجيعية للرواية في العام 1989، وجائزة تيسير سبول للرواية في العام 1992.
يذكر أن دار “Pergament” للنشر والتوزيع المختصة بنشر الآداب والفنون قد تبنت ترجمة ونشر هذه القصص التي تم اختيارها من المجموعات القصصية الأربع التي اصدرها ناجي: رجل خالي الذهن، المستهدف، ما جرى يوم الخميس، رجل بلا تفاصيل.