القاهرة ـ «القدس العربي»: صدر للأديب والناقد المصري محمد رضوان كتاب جديد بعنوان «الملاح التائه.. علي محمود طه» ضمن سلسلة «كتاب الهلال»، الكتاب يتناول حياة الشاعر المجدد علي محمود طه (1901 ـ 1949) ومسيرته الشعرية منذ مولده في مدينة المنصورة بدلتا مصر، إلى رحيله في القاهرة في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 1949، بعد أن ترك رصيدا شعريا تمثل في خمسة دواوين هي «الملاح التائه»، و»ليالى الملاح التائه» و»زهر وخمر»، و»الشوق العائد»، و»شرق وغرب»، وملحمة شعرية عنوانها «أرواح وأشباح»، ومسرحية شعرية غنائية عنوانها «أغنية الرياح الأربع»، وكتاب نثري هو «أرواح شاردة».
ويقول أحمد شامخ مدير تحرير «كتاب الهلال» إن علي محمود طه مرت ذكراه المئوية عام 2011 في هدوء وصمت، ولم يتم الاحتفاء بهذه الذكرى بما يتناسب مع قيمة الشاعر المجدد، وقامته السامقة وتأثيره في الشعر العربي المعاصر، وإن ميزة الكتاب الجديد أنه يقدم شاعرا أشاد بشعره كثير من كبار الأدباء والنقاد منهم طه حسين والناقد أنور المعداوي والشاعرة العراقية المجددة نازك الملائكة، التي وصفته بأنه جدد مضمون القصيدة العربية ونقله إلى أفق الحياة المعاصرة وخطا في ذلك خطوة كبيرة، كما أن شهرته الواسعة شهرة عريضة تمتد لتشمل جمهورا كبيرا من القراء تختلف اتجاهاته ومشاربه وميوله وآراؤه فارتبطت شهرته الواسعة ارتباطاً متيناً بجوهر شاعريته وخصائصها البارزة.
وللمرة الأولى يقدم الكتاب القصائد الأولى التي كتبها علي محمود طه في مرحلة الصبا وفي مطلع شبابه سنة 1918، ويعرض الكتاب أيضا القصائد الأخيرة التي كتبها بعد صدور ديوانه الأخير «شرق وغرب» الذي صدر سنة 1947، وكل تلك القصائد لم تتضمنها دواوين الشاعر المطبوعة وتعتبر في حكم المجهولة.
كما يضم الكتاب الاعترافات التفصيلية للشاعر عن حياته وحكايات حبه، كل تلك الوثائق والأسانيد الأدبية استطاع بها المؤلف أن يكشف لنا مفتاح شخصية «الملاح التائه»، فقدم لنا للمرة الأولى، علي محمود طه شاعرا وإنسانا في كل مراحل حياته منذ طفولته حتى رحيله.
وفي مقدمة الكتاب ًصرّح الشاعر فاروق شوشة إنه يكشف ما كان خافيا من سيرة الشاعر، ويضع إنجازه في سياقه الطبيعي، لما يتمتع به المؤلف محمد رضوان كباحث دؤوب، من حرص على جمع المادة الأدبية والحياتية للشاعر، فجاء الكتاب نسيجا من متعة أدبية وفنية تساعد على التحليق في عوالم الملاح التائه، علي محمود طه.
ويعد الشاعر المصري الكبير علي محمود طه (1902- 1949) واحدا من أعلام الشعر العربي المعاصر والرومانسية العربية، وأحد أعلام مدرسة أبولو، التي أرست أسس الرومانسية في الشعر العربي، وله عدد كبير من القصائد الوطنية التي عبر بها عن مدى حبه لوطنه. وقد ترك أثرا كبيرا على الشعراء الذين جاءوا بعده، فقد كتب في جميع الأغراض التي شكلت ميداناً لغيره من الشعراء، كالغزل والرثاء والمدح والفلسفة والحكمة والتأمل. وتنوعت قوافيه وفنونه، ويضم ديوانه الشعري الأشهر «الملاح التائه» الذي صدر عام 1934 عدة مجموعات شعرية هي «الملاح التائه، ليالي الملاح التائه، أفراح الوادي، أرواح وأشباح، زهر وخمر، الشوق العائد، هي وهو، صفحات من حب شرق وغرب».
من أشهر أعماله الشعرية، ميلاد الشاعر، الوحي الخالد. ليالي الملاح التائه (1940). أرواح
وأشباح (1942). شرق وغرب (1943). زهر وخمر (1943). أغنية الرياح الأربع (1943). الشوق العائد (1945). وغيرها.
«لحظات في محراب الصمت» جديد القاص المغربي إدريس الجرماطي
حسن ملواني
في طبعة أنيقة، وبغلاف معبر، صدرت لإدريس الجرماطي مجموعة قصصية، اختار لها عنوان «لحظات في محراب الصمت»، وقد صدرت عن منشورات ديما، ولوحة غلافها للفنان نور الدين ماضران.
المجموعة تتوزعها ستة وأربعون قصة قصيرة ، اعتبرها الكاتب لوحات سردية، وجاءت عناوينها كالآتي: ـ أقفال لذاكرة النسيان ـ تخبط في الجغرافيا ـ احتراق ـ دجاجة ولبوة ـ وعد قطرة ماء ـ ضوابط ـ في محراب الصمت ـ مقاومة ـ شجرة الجوكندا ـ أعياد الاختلاط ـ سخرية ـ غرفة وجماجم ـ عنكبوت ـ المسخ ـ بياض ـ سواد ـ ولدوا ليشربوا ـ أمتروا والحسناء ـ صديق النخل ـ القرد والنورس ـ إله الخمر ـ فيزيونومية الوجه ـ أحلام كرسي قديم ـ إله الخرائط ـ مشهد ـ أبواب ـ دمية ـ مدينتي ـ المكان الذي ـ دودة تتعرف على ـ مغناطيس ـ عبر الجدار ـ ريشة الحرية ـ دراجة هوائية ـ الحارس المراوغ ـ التيه ـ ملاحقة ـ أزرار المدينة ـ ذلك الذي لا يستطيع ـ السجن ـ بعد ثلاثة وخمسين عاما ـ البيت ـ الطفل والفراشة ـ ماء النارـ وجه كالغراب ـ موعد مع الشمس. وقد قدم للمجموعة أحمد إبراهيم أحمد.
وتعتبر المجموعة الجديدة امتدادا للموضوعات والصيغة الأسلوبية التي كتب بها مؤلفاته السردية السابقة «رحلة في السراب» و»عيون الفجر الزرقاء» و»رقصة الجنازة» فهو يعتمد أسلوبا مراوغا يحُولُ بينك وبين القبض على المعنى والخط السردي بيسر، مما يدفعك لإعادة القراءة مرات…
إلا أنه رغم ذلك تجد تلامسا لأحداث قصصه بقضايا اجتماعية ونفسية، يجعلها القاص إدريس مثيرة عبر تغليفها بما تستدعيه مخيلته المتدفقة بالصور المتناسلة، بغية تصوير الأحداث تصويرا فنيا. إنه ينتقل بالقارئ عبر الفضاءات المختلفة والمتباينة ليلج به عوالم من التخيلات والتصورات غير المعتادة، مما يستفزه ويحمله على التساؤل عن الغاية وعن المضمون الممكن، لكنه في الأخير يفارق النص وفي نفسه شيء من الحيرة.
قصص المجموعة يغلب عليها الصراع الدرامي الذي يلج بالقارئ إلى عوالم الصراع والتشابكات العلائقية المأزومة التي تبحث عن حلول. المجموعة القصصية تعيد طرح قضية الكتابة بالسهل والكتابة بالممتنع المستعصي، فأيهما أكثر جدوى وأكثر إبداعية وتداولا؟ نتمنى لإدريس الجرماطي مزيدا من التوفيق والتألق في مجال الإبداع القصصي.