الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين : الشعر لم يتأثر بالمتغيرات.. والإبداع لا ينتهي برحيل أحد .

التقته «جريدة الرياض السعودية » خلال مهرجان ربيع الشعر العربي في موسمه التاسع بالكويت

جريدة الرياض حوار- عبدالرحمن الخضيري

    هو شاعر وأحد أعلام الثقافة العربية صنع لنفسه مكانة مرموقة وحصل على العديد من الأوسمة من زعماء دول العالم وشهادات الدكتوراه الفخرية تقديرا لجهوده الأدبية والثقافية والتعليمية، ومنها مؤسسة جائزة عبدالعزيز البابطين للإبداع الشعري، وقفت عند أبيات له تزين جدران مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي حيث يقول:

سيذكر أهل الشعر والشوق أنني

عملت بما أوتيت من سعي جاهد

أعيد لبيت الشعر حلو رنينه

وسحر القوافي في البيوت الشوارد

حيث لمحته أثناء متابعته الشخصية لآخر الاستعدادات قبيل انطلاقة مهرجان ربيع الشعر العربي في موسمه التاسع والذي تنظمه مؤسسته الثقافية هذا العام بدولة الكويت، عن الشعر وهمومه وعن مهرجان ربيع الشعر العربي، جاء هذا الحوار مع رئيس مؤسسة البابطين الثقافية الشاعر عبدالعزيز بن سعود البابطين:

موت الشعر

* هل تؤمن بمقولة أن الشعر يحتضر؟

– الشعر لغة، واللغة لا تحتضر، قد تعترضها بعض العقبات أو تهب عليها عواصف ما في محاولة للنيل منها، ولكن كل هذا لا يؤثر فيها، فاللغة العربية محفوظة في القرآن الكريم، كما أنها خالدة لدى الشعراء والأدباء بشكل عام، ويهيئ الله -عزّ وجل- بين وقت وآخر أشخاصاً ومؤسسات تعنى باللغة العربية، وآتي بمثال قريب، فنحن في مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية نقيم دورات في اللغة العربية لمختلف الشرائح والفئات، كما لدينا حالياً خطة لتعريب جزر القمر، إلى جانب أننا ننشر اللغة العربية من خلال كراسي للدراسات العربية في الجامعات الغربية، واهتمامنا الأساسي يكمن في جوائز نقدمها للشعر، وفي كل مسابقة تأتينا مشاركات قيمة تدل على أن الشعر ما يزال في أوجه، ولم يتأثر بالمتغيرات التي بدأت منذ الستينات للحياد بالشعر عن مساره، إلاّ أنّ كل هذا لم يؤثر فيه واستمر الشعر الأصيل بكامل رونقه يمد عنقه متنفساً هواء الحياة.

الشعراء والرواية

* هروب الشعراء إلى جنس الرواية بماذا تفسره؟

– لا أسميه هروباً، ولكن هو مخزون لدى الأدباء ينتجونه بشتى الأشكال، وصحيح أنّ هناك العديد من الشعراء تحولوا إلى الرواية، ولكن كانت البداية بالشعر، وهذا دليل على أنّه هو الجاذب الأول لقريحتهم الإبداعية، حتى إنّ الكثير من الروائيين يكتبون بلغة شعرية أعمالهم السردية، ولكن ربما أن هناك أفكاراً يجدها الأديب أن التعبير عنها بالرواية يكون أفضل له وللفكرة التي يود طرحها، من حيث اتساع قواعد الرواية في المكان والزمان وتصاعد الأحداث والتشويق، كما أنّ الحكاية أو السرد هو قديم أيضاً في تراثنا العربي وليس طارئاً، ومع ذلك فكل جنس أدبي يأخذ مساره في جمهوره المفضل لهذا النوع أو ذاك.

رحيل الشعراء

* هل أثر غياب الشاعر الجماهيري ك”نزار قباني، محمود درويش” على القصيدة العربية؟

– لو توقف الشعر عند رحيل أحد، لتوقف بعد غياب المتنبي، وأبي تمام، وامرئ القيس، وغيرهم من الشعراء الذين لا شك حققوا للشعر نهضته وتألقه، ولكن الإبداع لا ينتهي برحيل أحد، فهو مستمر وبين الفترة والأخرى يظهر شاعر جديد يحقق ما حققه سلفه، مع تقديرنا الكامل طبعاً للشاعرين نزار قباني ومحمود درويش يرحمهما الله.

شعوب عاطفية

* انغماس الشعر في سياقات الرواية وتحوله إلى جزء من مكونها الداخلي إلى أي شيء تعزوه؟

– ألمحت في إجابة سابقة إلى أن بعض الروائيين يكتبون بلغة شعرية، وهذا يتبع روح الكاتب نفسه وأسلوبه ومنهجيته في الكتابة، ولكن بشكل عام فإن اللغة الشاعرية تحاكي الوجدان مباشرة وتحيي في النفس شجناً تجعل العمل السردي أقرب وصولاً لذائقة المتلقي، فنحن شعوب عاطفية يحركها الإحساس الشعري، وهو ما أدركه الكثير من الروائيين.

قصيدة النثر

* في زمن طغيان حضور قصيدة النثر، هل ما زال انحيازك للقصيدة العمودية قائماً؟

– ليس هناك طغياناً لنوع أدبي على آخر، هناك تجارب من حق أي أحد أن يقدمها، والبقاء للذي يخلده التاريخ، وحتى الآن التاريخ خلد القصائد العمودية وحتى التفعيلة أكثر من النثر، وهذا ليس وقوفاً في وجه أحد، فهي حرية ذاتية، ولكن ذائقتي أنا تميل للشعر الموزون والمقفى، وما زال الكثير غيري من الشعراء يكتبون هذه القصيدة وبشكل إبداعي متميز ويحصلون على جوائز رفيعة، فهو انحياز للشكل العلمي للشعر ولا تنس أن هناك شعراء كتبوا القصيدة العمودية بمضمون متجدد وعصري ولكنهم حافظوا على الشكل، ومثال على ذلك جبران خليل جبران.

تكريس المنهج الأدبي

* ونحن نعيش أيام الموسم التاسع من مهرجان ربيع الشعر العربي، هل يحق لنا تفسير ذلك بأنه محاولة لإبقاء الشعر ضد الظواهر الأدبية الجديدة؟

– هو استكمال للجهود الأدبية وليس ضد أحد، فمن حق الآخرين أيضاً أن يطرحوا قناعاتهم بظواهرهم من خلال مهرجانات أو أمسيات أو إصدارها في كتب، ولكن ما نقوم به نحن هو تكريس للمنهج الأدبي المدروس علمياً وفنياً نجد فيه قواعد نحبذ أن يتعلمها الراغبون بالكتابة الشعرية، وبعد ذلك هم أحرار في طرح تجاربهم أو البقاء على قيد المنهج الذي قدمناه.

مجلة البابطين الثقافية الالكترونية
%d مدونون معجبون بهذه: