يمثل الأول من ديسمبر سنة 1918 للشعب الروماني انتصارا لقرون من النضال والتضحيات لتحقيق الدولة الوحدوية الوطنية، والتطورات المهمة التي حدثت فى ثورات 1784 الشعبية، وثورات عام 1848، والتي وحدت مولدوفا مع مونتينيا عام 1859 (اعلان الاستقلال) بعد الحرب العثمانية المضادة 1877 ـ 1878، والتي سجلت الاستقلال التاريخي، واكتمل ذلك التعبير (تقرير المصير) في كشنو وجرناتور والبا يوليا، وخلال عام 1918، انتهت حقبة الرومانيين الذين يعيشون تحت السيطرة الاجنبية، حصل ذلك في الاول من ديسمبر 1918، تحديدا فى البا يوليا مركز مقاطعة ترانسلفانيا، حيث اقرت الجمعية الوطنية العظمى، توحيد ترانسلفانيا والبنات وكريشانا ومارامورش مع مملكة رومانيا، تجمع الشعب الروماني للاحتفال الكبير بحق تقرير المصير في كشنو (27 مارس ـ 9 ابريل/ 1918) وفي شيماتوز (15ـ 28 نوفمبر/ 1918)، وعودة باس ارابيا وبوكوفينا الى رومانيا.
ان انجاز الدولة الوطنية للامة الرومانية، قاد الى التقدم السريع في الاقتصاد والعلوم والتعليم والثقافة وفي الـ 20 سنة التي تلت، كانت بالنسبة للامة الرومانية تمثل انجح الفترات في إرساء الديموقراطية والتطوير لغاية انتصار الثورة المناهضة للشيوعية فى عام 1989.
هذه السنة تحتفل رومانيا بمرور 24 عاما من ديسمبر 1989 من الثورة التي انتصرت بها على الحقبة الشيوعية والتي ولدت من جديد كاملة حرة.
اليوم رومانيا تعتبر مثالا لما يمكن تحقيقه من خلال الديموقراطية وسيادة القانون وهو الاستقرار لنفسه وللآخرين.
وترتبط رومانيا والكويت بعلاقات مصالح متبادلة تقليدية وودية، والتي توفر امكانات قوية وعزم وتصميم على تحقيق التقدم.
اننا ملتزمون بمواصلة علاقاتنا التقليدية مع الكويت.
الكويت احد شركائنا الرئيسيين في العالم العربي وهو ايضا رسميا اقدم شريك فى بلدان مجلس التعاون الخليجي، كونها البلد الأول الذي اقام علاقات ديبلوماسية مع بوخارست.
أقامت رومانيا اقامت علاقات ديبلوماسية على مستوى سفارة فى 10 يونيو 1963، وتحتفل الكويت ورومانيا بمرور 50 عاما على اقامة هذه العلاقات.
وبهذه المناسبة، فقد أرسلت رسائل التهنئة من الرئيس الروماني ورئيس الوزراء ورئيس مجلس الشيوخ الى نظرائهم فى الكويت، وفى نفس الوقت قامت السفارة الرومانية في الكويت وبالتعاون مع غرفة التجارة والصناعة الكويتية بتنظيم حلقة خاصة بهذه المناسبة الخاصة بمرور نصف قرن على اقامة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين.
ومن بين الاحداث الثقافية التي اقيمت بهذه المناسبة، فى مكتبة البابطين كانت هناك الأمسية الموسيقية الرومانية الكويتية وهي عبارة عن حفل ضم العزف على البيانو والموسيقى التقليدية الكويتية، وعرضت لوحتين فنيتين لواحدة من اشهر الفنانين الرومانيين فى اوروبا جورجيتا جرابوفسكي، والتي تم تقديم واحدة منها الى صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، والأخرى تم تقديمها الى نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الخالد.
من ناحية أخرى، تم الشروع بالبدء بتسمية شارع في الكويت باسم بوخارست، وكذلك تسمية شارع في العاصمة بوخارست باسم دولة الكويت، كما اقيم معرض للطوابع البريدية، وتم اطلاق مبادرة لترجمة الشعر الكويتي الى اللغة الرومانية وترجمة الشعر الروماني الى اللغة العربية، وسوف يكون في شهر ديسمبر وبالتعاون مع مكتبة البابطين ايضا، وقد قامت الصحف الكويتية مشكورة في 10 يونيو 2013، بتغطية هذه الاحداث بمقالاتها الغنية.
كما قامت الكويت بتنظيم مجموعة من الامسيات الثقافية فى رومانيا، للتعريف بالثقافة والعادات الكويتية للجمهور الروماني.
هذه لحظة مهمة فى تاريخ العلاقات الكويتية ـ الرومانية، حيث ان الدولتين كانت دائما بجانب بعضها البعض من اجل تطوير علاقاتهما الثنائية في جميع المجالات: السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والعلوم والسياحة.
الصداقة بين الكويت ورومانيا
ان علاقة الصداقة بين بلدينا وشعبينا، كانت جلية من خلال زيارة الرئيس الروماني خلال احتفالات الكويت فى 25 و26 من فبراير 2011، والتي احتفلت الكويت بمرور 50 عاما على الاستقلال و20 عاما على تحرير الكويت من الاحتلال العراقي.
ان هذه الزيارة كانت الحدث الاهم فى هذه العلاقة التي التقت فيها قيادة الدولتين، ومن قبلها كانت في رومانيا فى سبتمبر 1981، وفى الكويت فى مارس 1976 وفى نوفمبر 1982 ويوليو 1992 واكتوبر 1999 ومايو 2008، هذه الزيارات التي عبدت الطريق لما وصلت اليه العلاقات الحالية بين البلدين، ولأن رومانيا عضو في الاتحاد الاوروبي، فإنها تدعم الاتحاد الاوروبي لتعزيز علاقتها مع دول الخليج.
ان علاقة رومانيا التجارية والاقتصادية مع الكويت، تدفعها الى تعزيز هذا التعاون، حيث انه يتواجد عدة مئات من المهندسين الرومان في الكويت اضافة الى الفنيين ومدرسين في الجامعات والمعلمين والاطباء وفى قطاع النفط والغاز والمدارس والمستشفيات.
وتتعاون سفارة رومانيا لدى الكويت بشكل وثيق مع المؤسسات الكويتية لتطوير فرص الاستثمار والعمل في المجال العلمي والتعليمي والثقافي، ولتحقيق علاقات الود وتطوير العلاقات الاقتصادية التي تعود بالمنفعة على شعبينا الصديقين، وفي هذا الصدد فقد تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات في مجالات: الاقتصاد والتعاون والاستثمار والنقل البري والبحري والتعليم والثقافة والعلـــوم والمعلومات والسياحة.
إننا مصممون على العمل لضمان التعاون ورومانيا تستخدم كل علاقاتها الدولية وشركاءها على الساحة الدولية من أجل زيادة وتطوير العلاقة الكويتية ـ الرومانية حيث إن هذا هو هدفنا.
العلاقة الاقتصاديـــة الكويتية ـ الرومانية كانت دائما مستقرة وموثوقا بها بمساندة العلاقات السياسية والديبلوماسية بين البلدين الصديقين.
وعلى الرغم من أن حجم التبادل التجاري بين البلدين لا يتناسب مع إمكانيات البلدين، إلا أنها في تطور مستمر، وأخذا بالاعتبار العام 2012 فقد زاد حجم التبادل هذا العام بنسبة قدرها 15%، وإننا على يقين بأن هذا الحجم سوف يزداد في المستقبل.
إن أهم الجوانب التي يجب ذكرها هنا أن العلاقة في تطور مستمر، حيث إن هناك اهتماما كبيرا لدى الشركات الكويتية للاستثمار في رومانيا، آخذين في الاعتبار موقع رومانيا الجغرافي المميز والاستقرار السياسي التي تنعم به رومانيا والجو الاقتصادي المشجع، والعلاقة المتميزة التي تربط رومانيا ودول مجلس التعاون الخليجي وتطور النظام المصرفي في رومانيا والذي يشبه النظام المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي وخصوصية العلاقة الكويتية ـ الرومانية على الصعيد السياسي وعلاقة الدولتين الصديقتين.
الصادرات الرومانية
إن أهم المنتجات التي تم تصديرها من رومانيا خلال عام 2013: مكونات لمعدات النفط، الخشب، المنسوجات، المعادن، ، المنتجات البصرية، المواد الكيماوية واللدائن، المطاط، المواد الغذائية، السيارات الخ.
وبتحليــل العـلاقـــة الاقتصادية الثنائية نجد أن مجموعة من الشركات الرومانية تزود السوق الكويتي بالمواد المختلفة، ولها سلسلة من الأعمال على سبيل المثال: تقديم المساعدة التقنية لإصلاح وتشغيل وصيانة محطات توليد الكهرباء وشبكات توزيع الطاقة (شركة SA Romelectro) وإطفاء الحرائق في حقول النفط (شركة Rompetrol SA) الدعم التقني للصيانة والتشغيل لحقول النفط في الوفرة (Petrom SA) تحديث مواقع شبكة الهاتف النقال (Romelectro) بناء وتجميع محطة البولي اثلين (NUCLEARMONTAJ) انابيب المياه في المنطقة الصناعية في الشعيبة (TMUCB) تزويد أبراج الاتصالات والفنيين المدربين على التركيب والتشغيل لمحطات جي اس ام (Romconsult) وتنفيذ خطوط هوائية جديدة لوزارة الكهرباء والماء (ELECTROMONTAJ).
ومن اهم القطاعات الاقتصادية التي نعتقد بالإمكان تطويرها بين البلدين، هي صناعة النفط والغاز، ومن اهم القواعد التي نملكها هي المعرفة العلمية والعناصر البشرية المؤهلة الى جانب امتلاك تقنية المعدات والتي تمكننا من البناء والتشغيل والصيانة.
ان قطاع البناء والبنية التحتية، من اهم القطاعات في دولة الكويت، وان الشركات الرومانية أثبتت قدرتها وفعاليتها في هذا المجال اعتمادا على المواصفات الأوروبية، كما قطاع تكنولوجيا المعلومات.
كما ان لنا علاقة متينة مع دولة الكويت في قطاع الحكومة الإلكترونية، والتعليم الإلكتروني، خاصة أن شركات رومانية مثل SIVECO وUTI لها سمعتها العالمية وصناعة السيارات، حيث ان رومانيا استطاعت تغطية شريحة معينة من السوق الكويتي خصوصا داشيا ـ رينو، ولا ننسى قطاع الزراعة والتي استطاعت رومانيا تلبية احتياجات السوق الكويتي من المنتجات العضوية مثل: (اللحم والعسل ومنتجات الحليب والحلويات .. الخ).
اختراعات رومانية
الشركات الرومانية لها باع طويل في الابتكار والبحوث، ولدينا اختراعات كثيرة حصدت الميداليات الذهبية في المحافل الدولية، وقد شاركت هذه الاختراعات في معرض الاختراعات الذي ينظمه (النادي العلمي في دولة الكويت) وتعتبر هذه الاختراعات اصولا لكبرى الشركات الكويتية التي تبحث عن الجديد دائما وخاصة فيما يتعلق بالقطاع النفطي والاعمار والمياه والأمن.
ان الشعب الروماني واحد من اكثر الشعوب ابتكارا على مر التاريخ، والابتكار هو ثقافته ويمتاز بإيجاد الحلول دائما، ليجعل من حياته اكثر سهولة واكثر انتاجية، حيث انه اخذ مكانته عاليا بإيجاد الافكار والاختراعات والتقنية منذ بداية التاريخ.
يمكننا ان نذكر هنا اكتشاف العملات قبل 5 آلاف سنة، والكتابة المماثلة للمخطوطات السومرية القديمة، ومجموعة من الاختراعات: توربينات المياه والطيران والاقلام واختراعات فى مجال السيارات ومستحضرات التجميل وتطبيقات الحاسوب، حيث يعمل كثير من المهندسين الرومان فى شركة مايكروسوفت العملاقة.
السياحة في رومانيا
وأخيرا وليس آخرا، اننا نريد تسليط الضوء على الامكانات السياحية التي تملكها رومانيا، والتي تجذب السياح الكويتيين اكثر فأكثر فى كل سنة، ولا ننسى منتجعات رومانيا الصحية، والسياحة العلاجية على شواطئ البحر الأسود والجبال الرومانية.
في مارس 2011، عقد فى بوخارست المنتدى الاقتصادي (رومانيا ودول مجلس التعاون الخليجي) وكانت الفرص التجارية معروضة في وسط وجنوب شرق أوروبا، وكان الحدث الأول والأهم، وكان يسلط الضوء على الفرص المتاحة للاستثمار والتعاون بين البلدان المشاركة، وقامت بتنظيم هذا الحدث وزارة الشؤون الخارجية الرومانية ووزارة الاقتصاد الرومانية والأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي واتحاد الغرف التجارية في دول مجلس التعاون الخليجي، كل ذلك تحت رعاية (الرئاسة الرومانية) ومبادرة من الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي، سعادة السيد عبدالرحمن العطية.
لقد حضر هذا المنتدى حوالي 120 شخصية رسمية، وشركات من الخليج وأكثر من 200 رئيس شركة تعمل في رومانيا، وكذلك وزير التجارة الخارجية في دولة الامارات العربية المتحدة، ونائب وزير التجارة الخارجية فى المملكة العربية السعودية، ووزير التجارة والصناعة في دولة الكويت، واعضاء غرف التجارة والصناعة في دول مجلس التعاون الخليجي، ورؤساء منظمات تجارية، ووفود رسمية اخرى.
وبعد نجاح هذا المنتدى، فإنه سوف يكون هناك لقاء آخر في مايو 2014 فى رومانيا.
رومانيا تعزز العلاقات التجارية والاقتصادية، من خلال مشاركة وفودها الدائمة في جميع المعارض التجارية، حيث انها تنظم بعثة تجارية مرة واحدة على الأقل الى دولة الكويت، ونحن ننتظر الآن ما بين 30 نوفمبر و2 ديسمبر 2013، وصول وفد تجاري مختص في تكنولوجيا المعلومات، وهذا هو الطريق الوحيد الذي تؤمن به رومانيا، لتطوير العلاقات التجارية.
دولة الكويت تعتبر لاعبا نشطا في المنطقة وعلى الصعيد الدولي ايضا، ونحن راضون تماما عن هذه العلاقة بين بلدينا ونسعى لتطويرها ونطمح الى تعاون على مستوى دولي عال، ان زيارة سمو رئيس مجلس الوزراء الى بوخارست في (2006)، والزيارة التي قام بها فخامة الرئيس الروماني الى الكويت فى سنة (2008)، أسهمت بشكل كبير في تنامي هذه العلاقة الثنائية.
انه من الأهمية بمكان ان نذكر بأن العلاقة السياسية الممتازة التي تربط البلدين الصديقين، تتمركز على قاعدة علاقة الصداقة المقربة وتمتاز بمتانتها وذلك في رأي الجميع، نحن نملك قيما عالية مشتركة، كالعلاقات الأسرية واحترام العادات والتقاليد، وهذا هو أساس هذه العلاقة الطويلة التي تربطنا.
بين دولة الكويت ورومانيا، كان هناك دائما شعور جيد من التعاون، من خلال الامم المتحدة والهيئات والمنظمات الدولية، لا سيما في دعم مرشحي الدولتين بعضهم لبعض في المحافل الدولية، وقد أعربت دولة الكويت عن امتنانها لهذا الدعم الذي تلقاه من رومانيا، كعضو في (مجلس الأمن الدولي)، وموقف رومانيا الثابت في حرب الخليج، وبما يتعلق بمصير الأسرى الكويتيين في العراق.
بمناسبة الذكرى الـ 95 للاتحاد العظيم عام 1918 وهو اليوم الوطني لبلادنا، يتمنى الشعب الروماني في هذه المناسبة للشعب الكويتي الصديق مزيدا من التقدم والازدهار ومستقبلا باهرا للعلاقات الرومانية ـ الكويتية.
منقول : جريدة الأنباء الكويتية