يعرض كتاب “نوادر النوادر”، المجلد 20 الصادر من مكتبة عبدالكريم البابطين ضمن الكتاب الثمانين في المجلد، مرجعاً مهماً في الفنون وهو “كتاب مؤتمر الموسيقى العربية “الصادر عن وزارة المعارف المصرية سنة 1933، من تأليف “محمود الحفني” المتوفى سنة 1973، وهو متحدر من أسرة دينية، حيث كان والده من علماء الدين وجده شيخاً مولعاً بالشعر والزجل، وبعد حصوله على الشهادة الثانوية أوفد إلى ألمانيا لدراسة الطب فاستهوته الموسيقى، وترك الطب ودرس الموسيقى في جامعة برلين، ونال منها درجة الدكتوراه، وعندما عاد إلى مصر أنشأ المعهد العالي للتربية الموسيقية، وأصدر مجلة الموسيقى، ومن مؤلفات محمود “موسيقى قدماء المصريين” و”الموسيقى النظرية” و”تاريخ الآلات الموسيقية”. كان أبرز اهتمامات هذا المؤتمر إرساء النوتة والسلم الموسيقي والتنسيق بين توجهات الموسيقيين في العالم العربي.

وتقول المراجع إن سلم الموسيقى الأوروبي المستعمل في آلة البيانو يتحدر أصلا عن السلم الفيثاغوري القديم- نسبة إلى الفيلسوف اليوناني، ت 507 ق.م- والذي كان يرى أن جوهر الأشياء هو العدد، وأن الجانب الكمي هو لب الحقيقة، وأن أنغام الموسيقى في جوهرها أعداد، أي أطوال الموجات الصوتية، وكان يرى أن الغاية من تعلم الرياضيات والموسيقى هي بلوغ الانسجام بين الروح والجسد، وقد قامت على فلسفته حركة دينية فكرية نشطت بالاسكندرية… إلخ.

ويقول الموسيقيون إن “أنغام هذا السلم لا تصلح لمصاحبة الألحان العربية، وتم الاعتماد على “سلم الموسيقى العربية” بسبع نغمات أساسية مثل يكاه دوكاه وسيكاه وجهاركاه… ويصل مجموع عدد النغمات المستعملة على الأكثر جميعاً إلى 19 نغماً، مع وجود آراء أخرى تزيد العدد”. (الموسوعة العربية الميسرة، مجلد3، ص 1363).

ومن الممكن مثلا الاستماع الى موسيقى وسيمفونيات بيتهوفن وتشايكوفسكي وغيرها، وموسيقى القرن الثامن عشر والتاسع عشر، بسبب وجود النوتات الموسيقية والتسجيل الكتابي للألحان، ولكن هل هناك نوتات للموسيقى العربية في العصر الأموي والعباسي والأندلسي؟ وللموسيقى الإيرانية والتركية والهندية وغيرها؟ العلم عند علماء الموسيقى!

في مذكرة مرفوعة إلى مجلس الوزراء، ذكر وزير المعارف المصري سنة 1932 ما يلي: ” تقدم إلينا معهد الموسيقى الشرقي برجاء العمل على عقد مؤتمر للموسيقى العربية يكون من جملة أغراضه تنظيم هذه الموسيقى على أساس متين من العلم والفن تتفق عليه جميع البلاد العربية، وبحث وسائل تطور الموسيقى العربية، وإقرار السلم الموسيقي، وتقرير الرموز التي تكتب بها الأنغام، وتنظيم التأليف الناطق والصامت، الغنائي والآلي، ودراسة الآلات الموسيقية الصالحة، وتنظيم التعليم الموسيقى، وتسجيل الأغاني والأنغام القومية في كل هذه الأقطار”.

وأضاف وزير المعارف المصري قائلاً في مذكرته المرفوعة إلى رئيس الوزراء: “وقد تفضل جلالة الملك على هذا المعهد فشمله برعايته السامية، ووألاه جلالته بفضله العظيم وإرشاده الحكيم، حتى وصلت جهوده إلى مرحلة رأى جلالته أنها تؤهل لعقد مؤتمر موسيقي يدرس هذه المسائل”. وفي ختام المذكرة طالب الوزير بإقرار عقد المؤتمر “في شهر مارس المقبل”.

(نوادر النوادر من الكتب، 20، ص64).

ويضم كتاب “مؤتمر الموسيقى العربية” بابين يبحثان في المسائل الإدارية والفنية، وضمن مشتملاتها قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي، والمقابلات الملكية، “حيث سيحظى رؤساء اللجان ومندوبو الدول بالتشرف بمقابلة الملك فؤاد، وإلقاء كلمة من أحد المدعوين أمام الملك”.

ويبدو مما ورد بتعريف محتويات الفصل الثاني أن بعض البحوث قد شملت مختلف ميادين الموسيقى العربية فمثلا، ثمة “تقرير عن التأليف الغنائي، وتقرير عن الموسيقى المغربية الأندلسية الأصل، وتقرير خاص بالنوتة الأندلسية على حسب المتبع في البلاد التونسية، وفي البلاد الجزائرية، وتقرير عن الإيقاعات المستعملة في مصر وتحليلها ونماذج تلحينية عليها، والإيقاعات المستعملة في تونس ومراكش والجزائر، كما يحتوي الفصل الثاني على لجنة السلم الموسيقي، ولجنة التعليم الموسيقي، ولجنة تاريخ الموسيقى والمخطوطات، ولجنة الآلات، ولجنة المسائل العامة”.

(نوادر النوادر، 20، ص64)

ومن كتب تاريخ الصحافة العربية يعرض المجلد “تطور الصحافة المصرية” للدكتور إبراهيم عبده، 1945، ويعتقد البعض أن “الأهرام” أقدم صحف مصر اليومية، إلا أن الكتاب يقول إن عدة صحف سبقتها، ذلك “أن أول صحيفة شعبية صدرت في مصر كانت مجلة “السلطنة” سنة 1857م وأشرف عليها إسكندر شلهوب وهي تدافع عن سياسة الدولة العثمانية، ثم صدرت سنة 1866م جريدة “وادي النيل” وأشرف عليها أبو السعود أفندي لتعبر عن مجلس شورى النواب، وفي سنة 1869م أصدر إبراهيم المويلحي وعثمان جلال مجلة “نزهة الأفكار” وهي أسبوعية، وفي سنة 1875م أنشئت جريدة “روضة الأخبار” وصدرت جريدة “الأهرام” لسليم تقلا في السنة نفسها، وأشرف على معظم الصحف الشعبية جماعة من السوريين، وظهرت الصحف الشعبية أول ما ظهرت مماثلة للصحافة الرسمية مفتقدة لأهم عناصر الشعبية فيها وهي المعارضة والنقد”. (ص137)

ومن الكتب المعروضة في المجموعة “الغزل عند العرب” من تأليف “حسان أبو رحاب”، 1947، ويدافع المؤلف عن “أثر الغزل” فيقول: “لا يخفى ما في الغزل من آثار كريمة تهذب النفس وتصقل الحس، وتوقظ الهمم”، فمن آثار الغزل المرغوبة “ترقيق الحس، وسعة الحيلة لأن نيل إعجاب المرأة يتطلب الفطنة والذكاء، ويتطلب أيضاً الحيلة والدهاء، والغزل يغرس في النفس الطموح، ويعلم الإنسان التضحية وتحمل المتاعب، كما يعلم المحب الصبر”. (ص149)

ومن كتب المجموعة “المدخل إلى دراسة النحو العربي على ضوء اللغات السامية”: و”الساميون مصطلح يقولون إنه اشتق من اسم سام بن نوح، يطلق على الشعوب الآتية: العرب، والأكاديين من قدماء البابليين، والآشوريين والكنعانيين وهم: (الأموريون، والمؤابيون، والأدوميون، والعمونيون، والفينقيون)، والقبائل الآرامية المختلفة (بما فيها اليهود) وجزء كبير من سكان إثيوبيا. ويقولون إن لغاتها قاطبة تحدرت من أصل واحد، وهناك شبه في مظاهر حياة الساميين. ويقال إن شبه جزيرة العرب هي الموطن الأصلي للساميين، ومنها تمت هجرات متتالية الى بلاد ما بين النهرين، ومنطقة شرقي البحر المتوسط، ودلتا النيل. ونتج عن هذه الهجرات خلال الفترة الزمنية خليط من القبائل التي كلما انتقلت من مكان إلى آخر اتصلت وامتزجت بأسلاف الساميين وغير الساميين”. (الموسوعة العربية الميسرة).

يتبع غداً ،،،

مجلة البابطين الثقافية الالكترونية