يعد معرض اللوفر أبو ظبي المستمر حتى نهاية الشهر الجاري بباريس أول تجربة في التبادل الثقافي والفني العربي بشكل غير مسبوق، حيث يقدم تجربة مميزة نظرا لقيمة معروضاته.
فالمعرض المزمع تدشينه في الشهر الأخير من عام 2015 يقدم أحدث المقتنيات الفنية التي تحصل عليها أشهر المتاحف الفرنسية والعالمية، والمتمثلة في أكثر من 160 لوحة ستشكل الإنجاز الفني الإماراتي الذي من المنتظر أن يحدث نقلة نوعية في المشهد الثقافي العربي بوجه عام وفي منطقة عربية تعد ملتقى عدة حضارات بوجه خاص، كما جاء في الملف الصحفي الذي نشر بالمناسبة.
عنوان المعرض الفرنسي “نشأة متحف” الذي يقبل عليه جمهور كبير يشكل حدثا ثقافيا عربيا وعالميا بكل المعايير على حد تعبير وزيرة الثقافة الفرنسية أوريلي فليبتي التي كانت أبرز وأشهر الشخصيات المعنية التي سجلت معها مقابلات عرضت عبر شاشة كبيرة ثبتت في مدخل المعرض إلى جانب جان نوفيل المعماري الشهير الذي صمم المتحف، وشخصيات إماراتية كبيرة ترعى الشأن الثقافي الإماراتي.
ويجدر الذكر أن نوفيل يوقع تجربته الثانية مع العالم العربي والإسلامي بعد أن صنع الحدث بتصميمه بناية معهد العالم العربي البديعة مطلع الثمانينيات أيام حكم الرئيس الراحل فرنسوا ميتران ووزير الثقافة السابق جاك لانغ الرئيس الحالي للمعهد.
يعود تاريخ اقتناء الإمارات العربية للوحات القديمة والمعاصرة المعروضة إلى عام 2009، بالتنسيق مع وكالة فرانس متاحف، ومن بين أبدع وأشهر اللوحات الاستثنائية التي ستشكل أول متحف عربي عالمي تلك التي توقف عندها الجمهور منبهرا بسحرها وخصوصياتها، ومن بينها تمثال “الأميرة” لباكرتريان، وسوار ذهبي إيراني في شكل وجهين أسديين صنعا في إيران قبل ثلاثة آلاف سنة، وأبو الهول، ومشبك ذهبي إيطالي يعود تاريخه إلى القرن الخامس قبل الميلاد.
ومن بين اللوحات الشهيرة التي غطت رواقا كاملا لوحات بليني وجوردنس وكايبوت “لعبة الورق” وماني وغوغان وماغريت وبيكاسو، وكما كان منتظرا انتزعت لوحة التشكيلي الأندلسي الكبير التكعبيبة “المرأة” إعجاب معظم الزوار إلى جانب لوحات الانطباعيين المذكورين.
كما اعتبر الفنان التشكيلي الأميركي التجريدي الشهير سي تومبلي الذي رحل مؤخرا علامة فارقة وفاصلة في مسار المعرض، واحتل حيزا معتبرا بتسع لوحات لفتت انتباه الجمهور بلونها الأزرق الطاغي وخيوطها العمودية البيضاء.
المعرض الذي صمم من منطلق “سينوغرافي” ارتكز على المعيار التاريخي والجمالي الإبداعي، ولم يشمل اللوحات التي استلفتها دولة الإمارات من فرنسا، وهو الأمر الذي لم يؤثر على هدفه الذي بقي واضحا وباديا من خلال مقاربة تضمن البعد العالمي والأسس المشكلة لهوية المتحف الإماراتي المستقبلي، على حد تعبير المسؤولة الصحفية صوفيه غرينغ للجزيرة نت.
المعرض الذي يقوم جوهريا على مبادئ العالمية من منظور التداخل الحضاري والتمازج والتفاعل التاريخيين بين حضارات قديمة ومعاصرة والتيارات الإبداعية التي أثرت في بعضها البعض، سبق وأن أقيم العام الماضي في العاصمة الإماراتية ما بين الـ22 من أبريل/نيسان والعشرين من يوليو/تموز بالمركز الفني للمعرض في جزيرة سعديات بحضور وزيرة الثقافة الفرنسية تطبيقا لبروتوكول اتفاق حكومي فرنسي إماراتي تم توقيعه بالسادس من مارس/آذار 2007.
ويعتبر معرض اللوفر أبو ظبي الذي يكشف عن متحف الإمارات المستقبلي ثمرة تعاون عدة متاحف فرنسية أشرفت عليها مؤسسة فرانس متاحف، ومن بينها مركز بومبيدو ومتاحف أورسي والأورجري والغريه باليه وفرساي وغيميه ورودان، فضلا عن المكتبة الوطنية.
المصدر : الجزيرة