اكد الشاعر عبدالعزيز البابطين ان الشهيد رفيق الحريري من الرجال الذين خصهم الله بقدرة وعزيمة لم تتوافر لغيرهم من الرجال حيث بدا مشروعه النهضوي في لبنان قبل ان يتولى رئاسة الوزراء, فلقد كان على قناعة بان كل عمل لابد ان يصب في مصلحة الوطن لان الوطن للجميع ومظلة لكل اللبنانيين لذا وضع يده في يدهم لانهاء الحرب وبكل ما أوتي من قوة وسخر كل الامكانات لذلك بعد ان طالت اثار الحرب كل اللبنانيين بشرا وحجرا.
جاء ذلك خلال حفل التأبين الذي اقيم مساء أول من أمس في مكتبة البابطين بمناسبة مرور تسع سنوات على استشهاد الرئيس رفيق الحريري.
وقال البابطين: إن رفيق الحريري آمن بالعلم في مواجهة تحديات الوطن, فساعد الالاف من الطلبة ليحدثوا وطنهم بالقلم والعلم لابالسلاح والقذائف, ولكي يكون الوطن للجميع من خلال الايمان بالعيش المشترك, فقدم في سبيل ذلك ماله وجهده للجميع دون منة او تفاخر فلقد جاء من رحم الشارع ليقول: “ليس الفتى من قال ابي وامي ولكن الفتى من قال ها انا ذا”.
واضاف ان الله حبى الحريري من الخير ما استحق, فلقد اراد ان يكون لبنان وطنا حرا لكن هيهات ان تتركه الايادي السوداء ففقد رفيق الحريري روحه فداء لمواقفه النبيلة والابية على يد الارهابيين وقطاع الطرق, فالعزاء فيه لابد ان يكون من خلال الاستمرار على نهج رفيق الحريري… “فاعمل ياسعد على المضي قدما على نهج والدك وستجد الى جانبك كل الشرفاء والمستنيرين “.
واستذكر البابطين للرئيس الحريري موقفين الاول عندما كان الكويتيون يواجهون روتين السفارة اللبنانية للحصول على التأشيرات فاتصلت به شخصيا لايصال الشكوى, فأصدر قراره بان تكون التأشيرة للكويتيين في المطار ومازال معمولاً بذلك حتى الان, الامر الاخر عندما كان يسافر الكويتيون الى لبنان براً كانت الجمارك على الحدود تمنع دخول سياراتهم الا ان الحريري تدخل لتبسيط هذه الاجراءات المعقدة.
بدوره قال السفير اللبناني لدى الكويت الدكتور خضر حلوي: مرت تسع سنوات على استشهاد الحريري ولم يغب طيفه, ولو مرت 90 سنة سيبقى طيفه بيننا حاضرا فلقد كان يوم 14 فبراير 2005 بمثابة زلزال مازالت تداعياته مستمرة ولاحاجة للقول بان ماحدث شيئا مفصليا في تاريخنا بل في تاريخ الامة العربية, لافتا الى ان رفيق الحريري اغتيل لرؤيته وليس لشخصه فلقد كان استهدافه استهدافاً للمنهج وليس للرجل.
واشار حلوي الى ان الذكرى التاسعة تمر ومازال الالم في قلوب الناس الذين يفتقدون البدر في الليلة الظلماء, فلقد كان مجمعا في السياسة وليس مقسما ولقد كان موحدا للقلوب وليس مفرقا, وكان مدركاً للعقول وليس هازئاً بها, ومن هنا كانت اهميته ودوره الذي لعبه في بلده لبنان الذي احبه حتى الموت, كان الكبير في القلب قبل السياسة والكبير بالعقل قبل الحكومات وكان ايمانه بلبنان مثل ايمانه بخالقه لذلك كان مطمئناً بمستقبل بلاده فنسج خطاً حظي باحترام الجميع من الشرق والغرب, ولذلك كان يوم اغتياله يوما اسود غلبت فيه الكراهية على المحبة وانتصر الكره على الحب في يوم عيد الحب, ومازالت الرسائل تتوالى على اللبنانيين وتقول: إن الفكر المعتدل هو المستهدف وتعلن ان الرصاصة ابلغ من الكلمة وترهب الاحرار, ومن كان الانفتاح نهجهم في الحكم والسياسة لكن نسوا ان الرأي يبقى اولا.
واوضح ان اغتيال الحريري والذين استشهدوا معه وبعده مسار كبير ضمن دائرة جغرافية وهو مسار اشبه بالمخاض لميلاد مناخ جديد وهو مخاض فيه من العذاب والبؤس البشري ما تدمع له العيون والقلوب, لكنه ثمن سبقتنا اليه شعوب وامم عانت من الحروب الدينية والطائفية وسالت دماء لتستمر الحضارات التي احترمت خصوصية كل دولة وأمة لكنها وجدت ضرورة في الوحدة متناسية العداوات لان المصلحة العليا تقتضي ذلك.
وأكد حلوي أن دماء الحريري وكل الشهداء لن تذهب هدرا لا في لبنان ولاغير لبنان, ومشاركة عبدالعزيز البابطين تؤكد أن الرجال العظام يكرمون من عظام مثلهم وهو الذي تشارك مؤسسته بمشاركة اللبنانيين في تأبين الحريري, واذا كان رفيق الحريري مات الا ان فكره لم يمت وعلى محبيه ان يستمروا لنحمي لبنان واللبنانيين.
وقال النائب عمار حوري: احمل لكم كل الحب والتقدير من الرئيس سعد الحريري في هذا البلد الطيب الكويت الذي لم يبخل على لبنان والعرب بالدعم الانساني والاقتصادي, فلقد كانت البلسم في وقت العسر وكانت خير أخ في وقت اليسر, وباسم الرئيس سعد الحريري وباسمكم نتقدم بأسمى ايات الشكر والتقدير للكويت ولسمو الامير الشيخ صباح الاحمد والشعب الكويتي سائلين الله ان ينعم عليهم دائما بموفور الصحة والعافية والخير ومزيد من التقدم والازدهار والعزة.
واضاف حوري: ان اللبنانيين لن ينسوا دور الكويت الذي قامت به من خلال اللجنة الوزارية العربية الرباعية في تهيئة الظروف للوصول الى وثيقة الاتفاق الوطني في الطائف 1989وانهاء الحرب في لبنان, وتشاء الاقدار ان يمثل الكويت وزير خارجيتها في ذلك الوقت سمو الامير الشيخ صباح الاحمد.
واشار إلى ان هذه الوثيقة انهت الحرب في لبنان ونقلته من مرحلة الحروب الى السلم وشكلت مناخاً لبناء الدولة الحديثة وتجاوزت التعقيدات الموجودة في عناصر تكوينها, لذا نستذكر رفيق الحريري في انجاح اتفاق الطائف, وفي هذه المناسبة نتوجه للرئيس الشهيد لنقول: “ربما شارك البعض في محاولة اغتيالك سياسيا لكن الاكيد أن الكثيرين يعبرون بوضوح عن سعادتهم لاغتيالك جسديا ويريدون اغتيالك سياسيا, وهذا لايمكن ان ينجح فأنت رفيق الحريري الذي يعيش فينا, وعلمتنا ان ما من احد اكبر من بلده وانت الذي ينتصر كل يوم مع حامل الراية الرئيس سعد الحريري”.
وقال حوري: لايزال البعض مصراً على تجربة محكومة بالفشل سابقا, هذه التجربة عرفها اللبنانيون في السبعينات والثمانينات, وفي كل مرة يتحول فائض القوة الى وهم, واليوم يصر هذا البعض على فرض الرأي بالقوة وعدم الالتزام بروح الميثاق الذي ارتضاه الوطنيون ضمانة للوحدة, فالانقلاب على الميثاق لا علاقة له بمبدأ تداول السلطة و يشكل عدوانا على حق اللبنانيين في ممارسة العمل السياسي بكامل الحرية بعيدا عن توظيف السلاح لخدمة اغراض معينة.