عبر 4 عقود من الزمن شهدت احداثا وتحولات غيرت من وجه العالم، يبحر الباحث الاكاديمي والشاعر د.خليفة الوقيان في تلك السنوات مستخلصا منها عصارة ما كتبه في الصحافة الكويتية من مقالات رصدت تلك الأحداث بعين الناقد والباحث عبر كتابه «ابحار مع القلم».
غزارة في الافكار.. سلاسة في الاسلوب.. حيوية في العرض، والأهم التجدد والحداثة في المضمون اذ ولا شك ستقف مطولا بعدما تكتشف ان ما قرأته يعود الى سنين خلت وليس لمقالات آنية في مؤشر واضح على مقدرة الوقيان التي مكنته من صوغ مقالات لا تنتهي بانتهاء الحدث.
التكاتف والوحدة
مقالات مشبعة بالمعلومات والمعرفة وهو ما عرف عن الوقيان اهتمامه الدائم بتضمين مقالاته ما يفيد القارئ وحثه على التفكير للوصول الى حل مناسب اذ غالبا ما تحمل افكاره دعوة عامة للتكاتف والوحدة والتنبيه الى الاخطار المحدقة التي تترصد بالوطن والمواطن.
ورغم نقده اللاذع في بعض المقالات الا انها لم تتفلت ابدا من الرصانة وبدت محكمة القيود والضوابط باتجاه لفت الانظار والعمل على تدارك الموقف ولم ينجر فيها الى خصومة شخصية او مجادلات عقيمة بل غلب على تلك المقالات قول الحقيقة خاصة عندما يتعلق الأمر بالكويت وتاريخها واحداثها.
الثقافة العميقة
هو «ابحار مع القلم» وكذلك هو الغوص في ثقافة محيطة بكل جوانب وتواريخ الحياة في الوطن وهمومه وآلامه وافراحه ومشاكله وانجازاته واخفاقاته.
فمن رحم صحافة زائلة وهو التعريف الذي يطلقه البعض على مقالات الصحف التي تندثر وتطوى وتموت بعد قليل بين يدي قارئها، قرر د.الوقيان توثيق عصارة ونخبة مقالاته ليحافظ عليها أولا وليقدمها لاجيال جديدة ستكتشف ان ما عانت منه اجيال سابقة هو نفسه ما يعانيه هذا الجيل ولربما الاجيال القادمة.
مسامرة القارئ
فعلى عكس بعض الكتب المشابهة نجد كتاب د.الوقيان الجديد لم يقف عن حدود المعلومة الجافة بل عرج فيه على مسامرة القارئ والترويح عنه وتسليته كمقال «ابني غير الكويتي» الذي يقدم بصورة غاية في الطرافة ازمة البيروقراطية في الكويت وما يعانيه الجميع من تبعات تلك المشكلة التي لم تجد لها الحكومات المتعاقبة حلولا ناجعة .
الجروح الغائرة
لم يتهيب د.الوقيان في كتابه من وضع اصبعه على جروح غائرة ولو جلب له ذلك عددا لا يستهان به من الخصومات، ولم يقف مرتاعا من نصرة الضعيف على القوي، مثل مقال «اللصوص الكبار والردع الاجتماعي» بقوله فيه: «فهذا يدلس ويزور ويخالف الانظمة، ومع هذا نجده يسير في الاسواق، ويغشى المجالس دون ان يجد من يرفض مجالسته، او مخالطته، او مصافحة يده الآثمة، او الحديث معه.
وهذا رجل علم مؤتمن على تربية الاجيال وتنشئتها في اكبر صرح علمي، ومع هذا لم يتورع عن ان يمد يده، وينتهب اموال غيره، وكان ينبغي له ان يكون مثالا يحتذى في الامانة والنزاهة، ومع كل هذا نجد من يذود عنه ويسعى الى ستر عورته، بل قد نجد من يهش بوجهه، ولا يأبى مجالسته».
ويلفت الكتاب ايضا الى تعامل د.خليفة الوقيان الجاذب مع التاريخ وعدم تساهله اطلاقا مع اي خطأ يمكن الوقوع فيه وهو الذي يتجلى في الفصل الثاني من الكتاب والذي عنونه بـ «انقد الكتب».
شذرات ثقافية
يضم الكتاب في جنباته ما يبتغيه القارئ من دراسات تاريخية وعروض كتب محكمة ومحاورات شيقة ومقالات متنوعة سواء كانت سياسية او اجتماعية او حقوقية او دينية، بالاضافة لأدب الرحلات الذي عرض لنا د.الوقيان فيه بأسلوبه المحبب لصور ومشاهدات من لندن ولبنان، ليختتم الكتاب بالشذرات الثقافية ملعبه الارحب والاجمل وتبحره وغوصه في عالم الشعر والثقافة والحريات.
الوقيان و«الأنباء»
الشأن الاجتماعي حاضر وبقوة في الكتاب عبر مجموعة مقالات نشرها د.الوقيان في جريدة «الأنباء» خلال اعوام مختلفة يدعو فيها الى النظر بجدية لمشكلة المتقاعدين، والى العمل على الاستفادة من امكانياتهم بالاضافة لمقالات اخرى عن الزراعة والغوص والبيئة البحرية ومشاكل التسول وغيرها من المشاكل والمواضيع.
جمع المقالات
يشرح د.الوقيان مضمون كتابه عبر المقدمة بتعريفه ان الكتاب يضم طائفة من المواد التي نشرها في الصحف خلال العقود الأربعة المنصرمة، ولم يفكر من قبل في جمعها، ولذلك بقيت مبعثرة، فضلا عن ضياع قدر غير قليل منها، ويعتبر ان نشرها قد يكون مفيدا بكشفها عن جانب من القضايا التي كانت تشغل اهتمامنا جميعا، ولعل تلك القضايا أو معظمها لاتزال تهمنا حتى يومنا هذا.
ويضيف ان ثمة سببا آخر دفعه الى نشر هذه المادة، وهو ان بعض الأصدقاء والقراء طالبوه بعدم التوقف عن الكتابة الصحافية وهو الأمر الذي يجد هؤلاء الأحبة ـ لدى اطلاعهم على هذا الكتاب ـ انه قد تم تناول كثيرا من المشكلات التي لا نزال نعاني منها، وان أي كتابة جديدة سوف تكون تكرارا لما سبق التطرق اليه من موضوعات تدخل ضمن دائرة اهتماماته.
ويروي د.الوقيان رحلة جمعه للكتاب فيقول: شرعت في تصنيف مادة الكتاب وجدتها متنوعة، أو متباينة في طبيعتها وموضوعاتها، فهي تجمع بين الدراسة والمقالة ونقد الكتب، والرد على بعض المقالات، والمادة الخفيفة التي اعتادت الصحف ان تقدمها في صفحتها الأخيرة نهاية الأسبوع، وكان أمامي خياران هما: تقسيم المادة الى موضوعات ـ قدر المستطاع ـ أو نشرها مرتبة حسب تاريخ النشر في الصحف.
وانتهيت الى ترجيح الخيار الأول، وهو تقسيم المادة الى موضوعات.
العقود الأربعة
تنقسم المادة المنشورة في الكتاب الى ما يلي: دراسات، ونقد الكتب، ومحاورات، ومقالات في الشأن العام، واستراحات، وشذرات ثقافية.
ويفصح د.الوقيان عن وجود مقالات آثر عدم نشرها إلا ان المادة التي يضمها هذا الكتاب كافية للدلالة على طبيعة أسلوب الكاتب ومنهجه ومجالات اهتمامه.
ويبقى انه من الطبيعي ان تتفق مع الكاتب بحسب المقدمة التي ذكرها فئة من أهل الرأي والقراء، وتخالفه الرأي فئة أخرى، فتنوع الأفكار عنصر ثراء، وعامل تطور، والأرض تتسع للاجتهادات المتباينة، غير ان الأمر غير المقبول بحسب الكاتب هو سعي بعض الأطراف نحو فرض تصوراتها ـ الفكرية المظهر، السياسية المقصد والمآل ـ على المجتمع، واستخدام وسائل الترهيب والتضليل، مستغلة الدين من جهة وغيبوبة مؤسسات الدولة من جهة أخرى لتحقيق مقاصدها.
ويعتبر د.الوقيان ان هـذا النمـط مـن السلوك ضـرب من الغلو، الذي ينتهـج الإرهاب الدموي ويمـزق الأوطان، ويهلك الحرث والنسل.
وقديما حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من الغلو في قوله: «إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين»، ونحن لا نريد لوطننا وأمتنا الهلاك، والشواهد الحية تحيط بنا حيثما التفتنا ولذلك قد يلاحظ القارئ ـ في مادة الكتاب قدرا من التركيز على أهمية مقاومة الغلو، وكذلك مقاومة ادعاء بعض احتكار الحقيقة.
ويـختم قائلا: «أحسب ان القارئ سوف ينظر الى مادة الكتاب في ضوء سياقها الصحيح، أي زمن نشرها، وطبيعة المرحلة، وكذلك طبيعة وسيلة النشر، فهي مادة صحافية روعي في صياغتها ان تخاطب قارئ الصحيفة».
أمّا قبل..
أ.د.سليمان الشطي
عندما تقرأ لخليفة الوقيان يتوثب في داخلك عرق التفكير، يحثك على ان تفعل شيئا، يحفزك، والحي يحيك، كما يقول عامة الكويت، فصدقوا!
نظرت في فهرست كتاب د.خليفة الوقيان «إبحار مع القلم ـ مختارات من كتابات صحافية» مخطوطا، فرأيت ما رأيت من تنوع في المادة، ومتابعة حثيثة وواعية لقضايا اجتماعية وفكرية فيها ملامسة للواقع، طارحة وجهة نظر رفيعة في مستواها ومناقشاتها محكمة في حججها وأدلتها.
لا اعجب ولا اتفاجأ، فأنا، وغيري كثيرون، عاصرنا د.خليفة الوقيان، وجاورناه زمنا جاء طيبا مثمرا، بفضله ومن معه، عرفناه باحثا يوضع في الصف الاول من الباحثين، جاءت كتبه لتمثل خطوة الى الامام، ولتنسج خيوط معرفتها بدقة وجدة وتفرد، بدءا من كتابه «القضية العربية في الشعر الكويتي» مرورا بكتابه «البحتري: دراسة فنية» وصولا الى دراسته الشاملة والقيمة «الثقافة في الكويت: بواكير ـ اتجاهات ـ ريادات».
وهو قبل هذا كله، بل وعلى الرأس والقمة، شاعر تربع في زاويته الخاصة التي تفرد بها حتى اضحى واحدا من اسماء اساسية في مسار التجربة الشعرية الكويتية وعربيا منذ مطلع الستينيات حتى ساعتنا هذه.
أقول هو: خليفة عبدالله فارس الوقيان.
ولد في الكويت عام 1941، تعلم في مدارسها، حصل على الليسانس في اللغة العربية بجامعة الكويت (1970)، ثم الماجستير (1974)، فالدكتوراه من جامعة عين شمس في القاهرة (1980).
لعب دورا مهما في تأسيس النهضة الثقافي فكرا ومؤسسات، فهو واستاذنا المرحوم احمد العدواني ومعهم نفر من صحبة كرام تحملوا عبء انطلاقة تأسيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الذي مثل الموجة الثانية الكبيرة للانطلاقة الثقافية التي بدأها رواد الثلث الثاني من القرن العشرين.
ورسخ حضوره، المشهود المحمود، في ساحة المجتمع الكبيرة، ادبيا سياسيا واجتماعيا وثقافيا بإنتاج ومؤلفات تمثل فيما ذكرنا آنفا من كتب، وقد توجت ايضا بأربعة دواوين شعرية هي: المبحرون مع الرياح، تحولات الازمة، الخروج من الدائرة، وحصاد الريح.
وكان هذا الانتاج محل نظر وبحث ودراسة، وتم قبوله قبولا يليق به، ولايزال محل بحث ونظر، لذا رأيت في هذا الكتاب ثمة زاوية لو اضيفت لحققت فائدة مرجوة، تمثلت هذه الزاوية في حاجة الباحثين الى الاطلاع على الكتابات السابقة التي تناولت ادب وجهود خليفة الوقيان، ومعرفة مظانها.
رأيت هذه الزاوية فاستأذنت، فإذن مشكور، ان اتبنى وضع هذا الكشف المختار من دراسات تناولت انتاجه كي تعين القارئ، حين يرغب في التعرف على الرأي السابق في هذا الانتاج وخصوصا الجانب الشعري، وتساعد الباحث القاصد لدراسته شاعرا وباحثا.
وهذه الاشارات المختارة من كثير لم يتيسر استكماله، واذا لم تستطع ان توغل في البحر، فغطسه عند شواطئه تشفي غليلا، وتسند باحثا.
دراسات وكتب رصدت رحلة د.الوقيان العملية والثقافية
كتب:
٭ د.أحمد بكري عصلة ـ خليفة الوقيان من الألف إلى الياء ـ الكويت 2001م.
٭ د.نجمة إدريس ـ خليفة الوقيان في رحلة الحلم والهم ـ دار المدى للثقافة والنشر ـ سورية 2002م.
٭ د.هيفاء السنعوسي ـ شعر خليفة الوقيان بين الموقف الفكري والبناء الفني ـ الكويت ـ 1993م.
حوليات ودوريات:
٭ د.جاسم الفهيد ـ الخصائص الأسلوبية لشعر التفعيلة عند خليفة الوقيان ـ مجلة اتحاد الجامعات العربية للآداب ـ المجلد 7، العدد 3-2010م.
٭ د.سالم عباس خدادة: قراءة في 4 قصائد لخليفة الوقيان ـ المجلة العربية للعلوم الإنسانية ـ العدد 74 ربيع 2001م.
٭ د.طه وادي: تحولات الأزمنة وتعارضات الحداثة ـ عالم الفكر ـ المجلد 18، العدد 3.
٭ د.صباح السويفان: العنوان ودلالته في نماذج من شعر خليفة الوقيان ـ الألسن العربية م28، ع1 -2012م.
٭ د.مصطفى الضبع: تجليات النص الشعري: قراءة في شعر خليفة الوقيان ـ حولية كلية الآداب والعلوم الاجتماعية ـ سبتمبر 2008م.
دراسات ضمن كتب:
٭ د.ابراهيم عبدالرحمن محمد: بين القديم والجديد ـ مكتبة الشباب ـ القاهرة 1983م.
٭ حافظ محفوظ: أفلام خليجية ـ شركة الربيعان ـ الكويت 1981م.
٭ د.سالم عباس خدادة: التيار التجديدي في الشعر الكويت. المركز العربي الإعلامي ـ الكويت ـ 1989م.
٭ د.سليمان الشطي: الشعر والشعراء في الكويت ـ مكتبة دار العروبة للنشر والتوزيع ـ الكويت 2007م.
٭ د.كمال نشأت: مع شعراء الكويت دراسة نقدية ـ الهيئة العامة للكتاب ـ القاهرة ـ 2003م.
٭ ليلى محمد صالح: أدباء وأديبات الكويت ـ رابطة الأدباء ـ الكويت 1996م.
٭ د.محمد حماسة عبداللطيف: الإبداع الموازي، التحليل النصي للشعر ـ دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع ـ القاهرة 2001م.
٭ د.مصري حنورة: علم النفس والأدب ـ دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع ـ القاهرة 1998م.
٭ مجموعة من المؤلفين ـ الأدب الكويتي خلال نصف قرن ـ ج1 ـ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ـ الكويت 2002م.
ملفات خاصة:
٭ ملحق جريدة الأسبوع الأدبي ـ الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب في سورية ـ العدد رقم 94 (أعيد نشر الملف في مجلة البيان الكويتية ـ العدد 322 ـ مايو 1997م).
٭ ضم الملف دراسات عن خليفة الوقيان لكل من:
د.سليمان الشطي.
د.سمر روحي الفيصل.
د.فايز الداية.
د.نعيم اليافي.
حوار أجراه معه الأستاذ نذير جعفر
وهناك عدد من الدراسات والمقالات لعدد من الباحثين والكتاب نشرت مقالاتهم في الصحف الكويتية والعربية خاصة مجلة البيان الكويتية.