عبدالعزيز سعود البابطين: هدفنا التقارب بين الشعوب

في مستهل هذه الكلمة أود أن أتقدم بجزيل الشكر وبالغ الامتنان إلى جامعة طهران رئيسًا وأساتذة وطلبة، متمنيًا لهذا الصرح العلمي الشامخ أن يحقق أهدافه السامية في النهوض والارتقاء بالمسيرة التنموية في هذا البلد الصديق الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فالجامعات إن لم تسهم في نهضة البلاد فلا قيمة لها ولا فائدة منها.

وكلنا على ثقة من اضطلاع جامعة طهران بهذا الدور الحضاري الواجب الذي تحتاج إليه أمتنا؛ لأنها واحدة من أبرز الجامعات الإسلامية التي جعلت من أهم أهدافها الحرص على البحث العلمي الخلّاق وإعداد البرامج التي تهيء لطلبتها وباحثيها كل سبل الإبداع والابتكار وفق برامج علمية متقدمة لاتقل عن البرامج البحثية في الجامعات الغربية.

إننا عندما أنشأنا مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري عام 1989 جعلنا من أهدافها التواصل والتقارب بين مثقفي الأمة العربية والأمة الإسلامية وشعرائهما ومؤسساتهما الثقافية تحقيقًا للتكامل الثقافي وبما يعود بالخير والفائدة على الجميع.. وللإسهام في تحقيق هذا الهدف النبيل المتمثل في إحياء وشائج التراث العربي مع جاره تراث الأمة الإيرانية عبر مراحل الزمن المتتابعة، فقد عقدنا ملتقى سعدي الشيرازي هنا في طهران بقاعة مؤتمر القمة الإسلامي وذلك يوم الإثنين الثالث من يوليو عام 2000 برعاية وحضور فخامة رئيس الجمهورية الإسلامية الأسبق الدكتور سيد محمد خاتمي وعدد كبير من الوزراء وأعضاء مجلس الشورى والشعراء والأدباء وأساتذة الجامعات، ورافقنا إلى هذا الملتقى عدد كبير من رجالات الفكر والرأي والثقافة والأكاديميين والشعراء والأدباء من كافة أقطار الوطن العربي، حيث التقوا بنظرائهم في إيران.

وكان الملتقى ناجحًا بكل المقاييس، وتناقلت أصداءه وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة.

وبهذه المناسبة قامت المؤسسة بإصدار عدد من المطبوعات والكتب التي تناولت الأدب والشعر في إيران، وفي حقيقة الأمر كان اختيار سعدي الشيرازي محورًا لذلك الملتقى مقصودًا باعتبار سعدي الشيرازي شاعرًا يتجسّد فيه بشكل كبير، التمازج والتلاقح بين الثقافتين الشقيقتين، ولارتباط حياته فصولًا بإيران والوطن العربي، وإلمامه بالمخزون الثقافي للغتين بكلّ مقوماته، ونظمه الشعر بالفارسية وبالعربية، فأصبح بحياته ونتاجه رمزًا للتآلف والانصهار بين شعبين وأمتين كانتا العمادين الأساسيين للحضارة الإسلامية ورسلًا لها إلى العالم بأسره.

ولم تتوقف مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري عند هذا الملتقى، فأقامت عشر دورات تدريبية مجانية لتعليم مهارات اللغة العربية بالتعاون مع جامعة طهران وقم ويزد وأصفهان تخرج فيها الآلاف من الطلبة، إضافة إلى ثلاث دورات أخرى بدأت أولاها في جامعة أصفهان قبل عدة أسابيع، وثنتاها في جامعة طهران قبل يومين، أما الثالثة فستبدأ بإذن الله خلال الأيام القليلة القادمة في جامعة الشهيد تشمران بالأحواز (خوزستان).

كما قامت المؤسسة في شهر مارس 2005 باستضافة 15 أستاذًا أكاديميًّا من الجامعات الإيرانية حيث التحقوا في دورة تأهيلية للغة العربية في كلية الآداب بجامعة الكويت.

وقد استضافت المؤسسة كذلك، عددًا من الشعراء الإيرانين حيث شاركوا في مهرجانات ربيع الشعر التي تقيمها المؤسسة منذ العام 2008، وفي شهر مارس من هذا العام 2014 وبمناسبة إقامة مهرجان ربيع الشعر السابع، خصصت المؤسسة ندوة عن الشعر في إيران إضافة إلى إقامة أمسية شعرية كاملة صدحت فيها حناجر كوكبة من الشاعرات والشعراء الإيرانيين الذين أمتعونا بقصائد رائعة في شتى الموضوعات والأغراض الشعرية، وقمنا في المؤسسة بإصدار ديوان الشعر العربي في إيران يشتمل على تراجم وقصائد ودراسات عن الشعر والأدب في إيران، وكذلك دورات عدة شاركت فيها شخصيات ثقافية إيرانية في دول عربية وأجنبية.

أشكركم جزيل الشكر على هذه اللفتة الكريمة المتمثلة في منحي درجة الدكتوراه الفخرية التي هي أول دكتوراه فخرية تمنحها جامعة طهران لشخصية عربية.. والتي أراها تكريمًا وتقديرًا لوطني دولة الكويت قيادة رشيدة وشعبًا مثقفًا معطاء واعيًا بأهمية التواصل والتقارب مع جميع شعوب الأرض قاطبةً لتعزيز دوره ومكانته الرائدة التي فُطِر عليها منذ وجوده، وإلى مثقفي وشعراء الأمة العربية.

إن هذه الشهادة وجميع الشهادات والأوسمة التي مُنحتها في العديد من دول العالم من قادة وجامعات ومؤسسات ثقافية رسمية ومدنية.. أرفعها على سارية الوطن العزيز الذي نتفيأ في ظلاله الأمن والحرية المسؤولة وننعم بعطائه اللامحدود.. تحت مظلة قيادة خيرة وحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وولي عهده الأمين سمو الشيخ نواف الأحمد الصباح حفظهم الله ورعاهم…

مجلة البابطين الثقافية الالكترونية
%d مدونون معجبون بهذه: