«السلام العادل» أبرز محاور المنتدى العالمي لثقافة السلام في مالطا

ضمن برنامج “المنتدى العالمي الثاني لثقافة السلام” الذي تعتزم مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية إقامته في 3-4 مارس 2022 في دولة مالطا برعاية وحضور رئيس مالطا الدكتور جورج فيلا تحت عنوان «القيادة من أجل السلام العادل»، سوف تتم مناقشة كيفية قيام المجتمع الدولي بتطوير أدوات الحوكمة وتنفيذ الخطط والمبادرات المشتركة، ضمن مسار من التعاون لإعداد مشروع «قيادة من أجل السلام العادل»، وذلك بتحفيز جميع الأطراف المعنية على المستوى الاجتماعي والسياسي والتعليمي، من أجل العمل مؤسساتيا وجماعيا بصفتهم «قادة السلام العادل» من أجل أمن مستقبل العالم.

وقال بيان لمؤسسة البابطين الثقافية، اليوم الأحد، إن التركيز سيكون بشكل خاص على منع النزاعات والبحث عن سياسات الوساطة والمصالحة، وكذلك على تعليم الشباب وتدريبه بشكل خاص على مجموعة من المعارف والمهارات من أجل ممارسة ثقافة السلام العادل داخل مجتمعاتهم.

وذكرت المؤسسة أن عددا من قادة الفكر والسياسة سوف يتحدثون في هذه القضية الحيوية لرسم خطوة عملية إلى الأمام لاستكشاف الآليات المؤسساتية وإعداد البرامج التعليمية والأدوات وخطط العمل لتطوير الكفاءات القيادية من أجل تحقيق الهدف السامي وهو «السلام العادل» والمستدام لاستقرار الشعوب.

وأكدت المؤسسة أن المناقشات ستقدم تصورا حول كيفية مواجهة التحديات المعقدة التي تهدد سلام الشعوب وأمنها في كل مكان، ليغدو مفهوم «السلام العادل» مركزياً على جميع المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية.

ولتحويل ثقافة السلام إلى حقيقة عملية ملموسة، ستنتظَّم أعمال المنتدى في 3 جلسات تتصل غاياتها ونتائجها المتوقعة بشكل وثيق في ضوء الهدف المشترك المتمثل في كيفية إعداد قيادة فعالة حقًا، تتعاون لبناء (منصة عالمية للسلام العادل) متعددة المستويات والوظائف، وتقترح توصيات فعلية قابلة للتنفيذ.

المصدر

اللغة العربية كقوة ناعمة – محمد الشارخ

تسعى الدول لتعظيم قوتها الناعمة كي تكسب مكاناً في القلوب والعقول والاحترام لدى الشعوب الأخرى. فالثقافة الفرنسية كانت وما زالت تمثل قوة ناعمة لفرنسا ولذا نرى تمدد النشاط الثقافي والتعليمي الفرانكفوني، واللغة الإنجليزية تمثل قوة ناعمة لبريطانيا كما يبين ذلك د. بندر الغميز أستاذ اللغويات التطبيقية في جامعة الملك سعود في مقالته بمجلة القافلة عدد سبتمبر/ أكتوبر 2020 «فإن تعليم الإنجليزية داخل بريطانيا يسهم في تعزيز اقتصادها بما يتجاوز ملياري جنيه سنوياً، كما أنه وفر أكثر من 26 ألف وظيفة». وهوليود أكبر قوة ناعمة لأمريكا ويمكننا اعتبار السينما والمسرح والغناء العربي قوة ناعمة مصرية بالإضافة للكتابات الأدبية المصرية في النصف الأول من القرن العشرين.

وللمملكة قوتان ناعمتان متكاملتان لا تحظى بهما دولة أخرى، الأولى هي الإسلام متمثلاً في الحرمين الشريفين والحجيج والمؤسسة الدينية الممولة جيداً بفضل الدولة والناشطة في العالم الإسلامي كما أن لها وجود ملموس في كثير من البلدان الأخرى. والثانية اللغة العربية وهي قوة ناعمة لم تفعل بعد كالأولى. فالعربية تتحدث بها أكثر من 22 دولة ولا تعتبر أي منها حاضنة رئيسية لها، ولذا لم يتم تحديث علوم اللغويات العربية لتلحق بالتطورات اللغوية في العالم التي فرضتها التقنيات الحديثة كتقنية الكمبيوتر والإنترنت وأدوات التواصل الكفية بحيث صار لزوماً لكل لغة حية تحويل قواعدها اللغوية إلى نماذج رقمية تكون الأساس لتطوير تطبيقات مختلفة لمتحدثي هذه اللغة مثل النطق الآلي والترجمة الآلية وتصنيف المعلومات وتصحيح الكتابة ..الخ . وكمثال لتخلف علوم العربية عن تطور اللغويات الحديثة في العالم هو عدم توفر معجم إلكتروني متداول وعصري، وهو أمر تنفرد به اللغة العربية من بين سائر لغات العالم حتى أن أستونيا التي يبلغ عدد متحدثي لغتها أقل من مليون ونصف المليون نسمة لديها معجم معاصر مفروض على الطلبة في التعليم الثانوي حفاظاً على كتابة أستونية سليمة. وللحفاظ على كتابة عربية سليمة يحتاج متحدثي العربية لمعجم إلكتروني معاصر بالإضافة لمصحح لغوي آلي (إملاءً ونحواً) وتشكيل إلزامي آلي Diacretization Mandatory تعمل مع كافة الأنظمة الدولية للتواصل وعلى كافة أنواع الأجهزة الكفية.

ولتوفير هذه التقنيات وتطويرها مستقبلاً لمسايرة التطورات العالمية في هذا المجال لابد من تأسيس مركز أبحاث وتطوير Research and Development Centre يمول تمويلاً يلبي حاجة البحث التقني. فالمنتجات العربية الحالية في هذا المجال تتم بتمويل محدود من شركات خاصة، ولذا فإن تطورها بطيء لا يجاري كافة التطورات التقنية الدولية. ومما يدعو للتفاؤل وجود مراكز متخصصة في المملكة لديها تراكم معرفي متميز باللغة العربية كما تتوفر كوادر أكاديمية متخصصة في اللسانيات الرياضية ComputationalLinguistics كما يظهر من مقالة مجلة القافلة عدد ديسمبر/ نوفمبر 2019. ومن هؤلاء وغيرهم يمكن تنفيذ خطة طويلة الأجل كجزء من رؤية 2030 لجعل المملكة الحاضنة الرئيسية للغة العربية وجعل اللغة العربية عموداً ثانياً مكملاً للقوة الناعمة السعودية بالإضافة للقوة الروحية للإسلام.

ولا شك أن تحقيق هذا الغرض يتطلب أموراً أخرى منها:-

أولاً:- إصدار تشريعات تلزم الطلبة قبل الالتحاق بالتعليم الجامعي اجتياز امتحان اللغة العربية شبيه بنظام SAT الأمريكي أو نظام TOEFL الإنجليزي وغيرها، فطلبة الجامعات هم الذين يقودون الدولة والمجتمع في المستقبل وإجادتهم اللغة الأم أي العربية تُسهل التواصل مع شعوبهم التي لا تتحدث لغات أجنبية بالإضافة إلى أنها تكسبهم مكانة في أرجاء العالم لا تقل عن روحانية الإسلام.

ثانياً:- إنشاء معهد عالٍ لتدريب مدرسي اللغة العربية على طرق ونظريات التعليم الحديثة مع تزويدهم بوسائل الإيضاح والأدوات التي تتيحها التقنيات الحديثة في التعليم. وفي برامج افتح يا سمسم التلفزيونية نموذج لتعليم الناشئة اللغة العربية السليمة.

ثالثاً:- تطوير أدوات الكتابة السليمة كالصرف الآلي والتشكيل الآلي والمدقق الإملائي ومصنف المعلومات وغيرها مع أدوات الترجمة الآلية والتخاطب الآلي من وإلى اللغة العربية للغات الأخرى، وكل هذه التطبيقات تقوم على تقنيات اللسانيات الرياضية والذكاء الاصطناعي.

رابعاً:- توفير معجم عربي للكلام المعاصر يحتوي على المفردات المستخدمة من أوائل القرن العشرين، وهذه تشمل ولا تلغي المفردات القديمة بل تتضمن معظمها وتضيف لها مفردات الحضارة والتقنية الحديثة التي يقرأها الناس في الصحف ولا يجدون تعريفاً لها.

كلمة ختامية

فمن غيرنا أحق باحتضان اللغة العربية وهي لغة القرآن الكريم، ووعاء الإسلام. كما أنها اللغة الوحيدة في العالم التي ما زال شعرها المكتوب منذ أكثر من 1500 عام يقرأ ويفهم في معظمه. إنها مصدر فخر وكبرياء لأنه لا يوجد لها مثيل في العالم، فلغة شكسبير لا يستطيع الإنجليز اليوم فهمها وكل مسرحياته قد أعيدت صياغتها بلغة إنجليزية حديثة، والروس لم يدونوا للغتهم معجماً إلا في أواخر القرن التاسع عشر بينما ألف العالم الفراهيدي معجم العين قبل حوالي ألف وثلاثمائة عام. لقد تكالب الفكر التغريبي على تحطيم سمعة اللغة العربية والمبالغة في الحط من قيمتها وقيمها حتى كدنا ننسى أنها مصدر فخر وكبرياء كما التماثيل الفرعونية لمصر والآثار الرومانية للإيطاليين وسور الصين العظيم للصينيين.

بالإضافة لذلك فإن وضعها ضمن خطط التنمية الوطنية يجعل منها بنية أساسية Infrastructure في تطوير الوطن وتوظيف أبنائه مثل أي مشروع تنموي آخر. فهناك مركز الأبحاث والتطوير ومعهد تدريب المعلمين الإقليمي، ومؤسسة برامج التليفزيون التعليمية، ودار المعاجم والقواميس، وهيئة الترجمة، وكلها تتطلب تخصصات علمية راقية.

وفوق ذلك فإن احتضان اللغة العربية كقوة ناعمة يخفف من غلو اعتبار المملكة دولة دينية فقط، إذ يضفي على الدولة تعريفاً تاريخياً حضارياً يمثل العمق الديني الاجتماعي الثقافي المتجذر في وجدان الشعب السعودي.

أخيراً.. تشير الإحصاءات الدولية إلى أن اللغة العربية هي اللغة الرابعة على الإنترنت بعد الإنجليزية والصينية والإسبانية، وإلى أن عدد مستخدمي الإنترنت العرب في الوقت الراهن حوالي 250 مليون مستخدم، وفي تقديري الشخصي منهم 1 % يتطلعون لكتابة عربية سليمة عند توفر أدواتها. وهذه سوق جديرة بالاهتمام.

 

المصدر

جائزة الشيخ زايد للكتاب أعلنت الفائزين بدورتها الـ 15

أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب أسماء الفائزين في دورتها الخامسة عشرة، وضمت قائمة الفائزين بالجائزة، التي ينظّمها مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، سبعة أدباء وباحثين من مصر، وتونس، والمملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى دار نشر لبنانية.

وفازت في فرع الآداب الكاتبة المصرية إيمان مرسال عن كتاب «في أثر عنايات الزيات»، بينما فاز الكاتب التونسي ميزوني بنّاني في فرع أدب الطفل والناشئة عن قصة «رحلة فنّان»، وفاز في فرع الترجمة المترجم الأميركي مايكل كوبرسون عن كتابه Impostures، وهو ترجمةٌ لكتاب «مقامات الحريري» من اللغة العربية إلى الإنكليزية.

وفازت الباحثة السعودية د. أسماء مقبل عوض الأحمدي بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن فرع المؤلِّف الشاب، عن دراسة بعنوان: «إشكاليات الذات الساردة في الرواية النسائية السعودية – دراسة نقدية (1999 – 2012)»، كما فاز الباحث التونسي خليل قويعة في فرع الفنون والدراسات النقدية، عن كتاب «مسار التحديث في الفنون التشكيلية من الأرسومة إلى اللوحة»، فيما نال الباحث د. سعيد المصري من مصر جائزة فرع التنمية وبناء الدولة عن كتاب «تراث الاستعلاء بين الفولكلور والمجال الديني».

وفازت الباحثة الأميركية طاهرة قطب الدين بجائزة فرع الثقافة العربية في اللغات الأخرى عن كتاب «الخطابة العربية: الفن والوظيفة»، وفازت دار الجديد اللبنانية عن فرع النشر والتقنيات الثقافية.

صدور المجلد العشرين… من نوادر البابطين (3-3) – خليل علي حيدر

يرى مؤلف كتاب “المدخل إلى دراسة النحو العربي” أن من المؤسف “أن يتغافل النحاة العرب القدماء عن اللغات السامية”، فلماذا وقع هذا التجاهل من النحاة العرب لهذه المجموعات اللغوية القريبة؟ يقول المؤلف “عبدالمجيد عابدين” المدرس بكلية غوردون بالخرطوم إن ثمة انحيازاً عرقياً لهذا التجاهل، ويرجع عابدين “سبب التغافل إلى أن مؤسس النحو هو “سيبويه” وهو من أصل فارسي، واللغة الفارسية من فصيلة اللغات الهندية- الأوروبية، وهي تختلف كليا عن اللغات السامية، كما أن التعصب الديني كان له أثره، إذ إن اللغات السامية كانت لغات لأقوام نصارى أو وثنيين”. (ص213)

ولم يكتف “عابدين” بنقد “سيبويه” والنحاة في تغافلهم عن اللغات السامية، بل يظهر أخطاء الدراسة النحوية القديمة كإخضاع اللغة للمنطق، وقطع الصلة بين اللغة ونفسية صاحبها إلى جانب أن النحويين في العراق مثلا كانوا شيعاً وأحزاباً، وكان للعصبيات أثر في التفريق بين العلماء وآرائهم، ويضيف منتقداً النحاة: “ومن أخطاء الدراسة النحوية القديمة عناية القدماء بأحوال أواخر الكلمات إعراباً وبناء، وكأن النحو هو العلم بأحوال أواخر الكلمات”.

وأخذ المؤلف على قدماء النحاة “حصرهم الاستشهاد بالجاهليين والمخضرمين واختلافهم في المتقدمين من صدر الإسلام ورفضهم الاستشهاد بالمولدين مما أفقر اللغة وحرمها الكثير من الألفاظ والتعابير، كما اختلفوا بالاستشهاد بقراءات القرآن وبالحديث النبوي”. ويضيف عابدين أن “من عيوب الدراسات النحوية القديمة طغيان النظر الفقهي على الدراسة النحوية”.

(في المعجم الوسيط: المولّد: المحدث من كل شيء، ومنه المولدون من الشعراء، والمولّدون من الرجال: العربي غير المحض. والمولّد من ولد عند العرب ونشأ مع أولادهم وتأدب بآدابهم، والمولّد من الكلام: كل لفظ كان عربي الأصل ثم تغير في الاستعمال. ويقال كتاب مولّد: مفتعل).

ورغم أن “عابدين” مؤلف الكتاب، من دعاة كتابة العربية بأحرف لاتينية كما التركية اليوم مثلاً، إلا أن ملاحظاته وانتقاداته جديرة بالدراسة إن أردنا للغة العربية مجاراة العصر وشدة الانتشار، وفي مقدمة المطلوب تحديث قواعد النحو والإملاء والبلاغة! ومن القضايا اللغوية التي قد تثار الفرق بين اللغة واللهجة، فما تعريف كل منهما إذا أجمع المؤرخون واللغويون وغيرهم على أن القرآن الكريم قد “نزل بلهجة قريش”؟ غير أن في كلام عابدين شيئا من التناقض في مسألة علاقة القرآن باللغة العربية و”لهجة قريش”. فالمفروغ منه مبدئياً ولغوياً أن “اللهجة” أقل مكنة وكمالاً من “اللغة”، فهل كان حديث وتفاهم أهل قريش بلهجة قبلية أم بلغة عربية راسخة القواعد والمعاني؟

يقول عابدين: “تعد اللغة العربية هي الأكمل والأقرب إلى الأصل”، ويرى أن اللغات السامية متقاربة في الألفاظ والتراكيب مما يدل على نشوئها من أصل واحد، والعربية أقرب اللغات السامية إلى هذا الأصل، ويضيف: “وظهرت اللغة العربية على مسرح التاريخ وهي لغة ناضجة، وقد أصبحت لغة قريش هي اللغة الأدبية التي اتخذها العرب والخاصة كافة ونزل بها القرآن الكريم، وبقيت لهجات القبائل الى جانب لهجة قريش”، ويرى المؤلف “أن على الباحث عند دراسة لغة قريش، وهي اللغة الفصحى، أن ينظر إلى مقارنتها باللهجات القبلية الأخرى وباللغات السامية”، ويضيف: “إن الباحثين القدماء لم ينظروا الى تأثر لهجة قريش باللهجات القبلية الأخرى، ولم يدرسوا اللهجات القبلية المختلفة لبيان خصائص كل لهجة”، ولكن كيف يعقل أن تكون اللغة العربية قد “ظهرت على مسرح التاريخ وهي لغة ناضجة”؟

يقول “المعجم الوسيط” في تعريف اللغة “أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم”، ويقال: “سمعتُ لغاتهم: اختلاف كلامهم”.

وتعريف اللهجة: “اللسانُ، أو طرفه، ولغة الإنسان التي جُبل عليها فاعتادها”. يقال: فلان فصيح اللهجة، وصادق اللهجة، واللهجة: طريقة من طرق الأداء في اللغة، واللهجة: جرس الكلام”. ويقول “المنجد” في تعريف “اللهجة” أنها “اللسان أو طرفه، ولغة الإنسان التي جُبل عليها واعتادها”.

ونتساءل من جديد: ما اللغة وما اللهجة؟ وما الفرق بينهما؟ ولماذا تعد اللغة الفصحى لغة وكلام الناس اليومي في الدول العربية لهجات، بينما كان نزول القرآن الكريم “بلهجة” قريش؟

بدأنا المقال بالحديث عن شاعر من القدماء، “زهير بن أبي سلمى”، وننهيه كذلك بالحديث عن شاعرين معاصرين! ففي مجموعة “نوادر النوادر من الكتب” عرض لكتاب بعنون “شاعران معاصران: إبراهيم طوقان وأبو القاسم الشابي”، وهو من تأليف د. عمر فروخ الذي وضع أكثر من 70 كتاباً، واشتهر بكتابه “العلوم عند العرب” وللأول، أي إبراهيم طوقان قصائد في الغزل والوطنية والرثاء وموضوعات أخرى، وهو صاحب قصيدة “موطني” التي اختيرت تقريباً كنشيد وطني للعراق بعد إسقاط النظام سنة 2003، أما الشاعر الثاني، أبو القاسم الشابي فقد اشتهر ببيتين من الشعر شديدي الرواج والتأثير وهما “إذا الشعب يوما أراد الحياة… إلخ”.

وقد ولد طوقان عام 1905 وتوفي عام 1941 عن عمر قصير وتقول موسوعة “الأعلام” للزركلي عنه إنه كان من أهل نابلس بفلسطين، وقال فيه أحد كتابها إنه “عذب النغمات، ساحر الرنات، تقسم بين هوى دفين، ووطن حزين”، وتضيف “الأعلام” أن إبراهيم تعلم في الجامعة الأميركية ببيروت، وبرع في الأدبين العربي والإنكليزي، وانتقل إلى بغداد مدرساً، وكان يعاني مرضا في العظام، فأنهكه السفر فتوفي شاباً، وكان وديعاً مرحاً، ولأخته الشاعرة “فدوى طوقان” كتاب في سيرته سمته “أخي إبراهيم”، ويذكر عنه في عهد دراسته ببيروت “أنه أراد الزواج بفتاة استلهمها فواتح شعره، فتزوجت بقريب لها”. (الأعلام، خير الدين الزركلي، 1954).

ويقول المرجع نفسه، “الأعلام” عن أبي القاسم الشابي إنه شاعر تونس، في شعره نفحات أندلسية، ولد في قرية “الشبابية” في الجنوب عام 1906 ومات شابا عام 1934 بمرض الصدر ودفن بقريته، تقول المراجع إن أباه كان شاعراً أيضا توفي قبل ابنه بخمس سنوات.

ويبدأ د. فروخ القسم الأول من كتابه عن الشاعرين بإبراهيم طوقان وذلك “بترجمة للشاعر يتناول فيها المؤلف عائلته وأسلافه، ومولد الشاعر في نابلس 1905 ونشأته الأولى والأمراض التي انتابته، والدراسة التي تلقاها في بلدته، ثم في القدس ثم في الجامعة الأميركية ببيروت، ثم عمله مدرساً في مدرسة النجاح في نابلس، ثم أستاذاً في الجامعة الأميركية ببيروت، ثم في المدرسة الرشيدية في القدس، ثم يتحدث المؤلف عن علاقات إبراهيم الغرامية، ثم زواجه من فتاة فلسطينية ثم عمله في الإذاعة الفلسطينية، ثم انتقاله الى بغداد للعمل في التدريس، وأخيراً يتحدث عن وفاته وتشييعه ورثائه”.

(نوادر النوادر ص267)

و”يعرض المؤلف لخصائص شعر الشابي، ويذكر أن الشابي شاعر وجداني خالص، وهو على صغر سنه شاعر مكثر مجيد، وفي شعره نزعة من التحرر من العرف السائد في بيئته، وتتصف قصائده بوحدة الموضوع، وبالميل الى النقمة على مجتمعه، والتشاؤم وهو متأثر بأدب المهجر، وأورثه هذا التأثر كثرة التكرار للألفاظ والتراكيب والمعاني، وهو مغرق في استعارته مما يؤدي به الى الغموض”.

ويضيف د. فروخ أن “قصائد الشابي في السياسة والقومية هي التي أكسبت الشابي شهرته، وهي مزيج من الأسلوب القديم والحديث، وفي موضوع التأمل في الحياة، يرى المؤلف أن نظرة الشابي إلى الحياة كانت تشاؤما محضاً”. (ص269)

والى لقاء قادم مع المجلد 21 من مجموعة “نوادر النوادر من الكتب”.

صدور المجلد العشرين… من نوادر البابطين (2-3) – خليل علي حيدر

يعرض كتاب “نوادر النوادر”، المجلد 20 الصادر من مكتبة عبدالكريم البابطين ضمن الكتاب الثمانين في المجلد، مرجعاً مهماً في الفنون وهو “كتاب مؤتمر الموسيقى العربية “الصادر عن وزارة المعارف المصرية سنة 1933، من تأليف “محمود الحفني” المتوفى سنة 1973، وهو متحدر من أسرة دينية، حيث كان والده من علماء الدين وجده شيخاً مولعاً بالشعر والزجل، وبعد حصوله على الشهادة الثانوية أوفد إلى ألمانيا لدراسة الطب فاستهوته الموسيقى، وترك الطب ودرس الموسيقى في جامعة برلين، ونال منها درجة الدكتوراه، وعندما عاد إلى مصر أنشأ المعهد العالي للتربية الموسيقية، وأصدر مجلة الموسيقى، ومن مؤلفات محمود “موسيقى قدماء المصريين” و”الموسيقى النظرية” و”تاريخ الآلات الموسيقية”. كان أبرز اهتمامات هذا المؤتمر إرساء النوتة والسلم الموسيقي والتنسيق بين توجهات الموسيقيين في العالم العربي.

وتقول المراجع إن سلم الموسيقى الأوروبي المستعمل في آلة البيانو يتحدر أصلا عن السلم الفيثاغوري القديم- نسبة إلى الفيلسوف اليوناني، ت 507 ق.م- والذي كان يرى أن جوهر الأشياء هو العدد، وأن الجانب الكمي هو لب الحقيقة، وأن أنغام الموسيقى في جوهرها أعداد، أي أطوال الموجات الصوتية، وكان يرى أن الغاية من تعلم الرياضيات والموسيقى هي بلوغ الانسجام بين الروح والجسد، وقد قامت على فلسفته حركة دينية فكرية نشطت بالاسكندرية… إلخ.

ويقول الموسيقيون إن “أنغام هذا السلم لا تصلح لمصاحبة الألحان العربية، وتم الاعتماد على “سلم الموسيقى العربية” بسبع نغمات أساسية مثل يكاه دوكاه وسيكاه وجهاركاه… ويصل مجموع عدد النغمات المستعملة على الأكثر جميعاً إلى 19 نغماً، مع وجود آراء أخرى تزيد العدد”. (الموسوعة العربية الميسرة، مجلد3، ص 1363).

ومن الممكن مثلا الاستماع الى موسيقى وسيمفونيات بيتهوفن وتشايكوفسكي وغيرها، وموسيقى القرن الثامن عشر والتاسع عشر، بسبب وجود النوتات الموسيقية والتسجيل الكتابي للألحان، ولكن هل هناك نوتات للموسيقى العربية في العصر الأموي والعباسي والأندلسي؟ وللموسيقى الإيرانية والتركية والهندية وغيرها؟ العلم عند علماء الموسيقى!

في مذكرة مرفوعة إلى مجلس الوزراء، ذكر وزير المعارف المصري سنة 1932 ما يلي: ” تقدم إلينا معهد الموسيقى الشرقي برجاء العمل على عقد مؤتمر للموسيقى العربية يكون من جملة أغراضه تنظيم هذه الموسيقى على أساس متين من العلم والفن تتفق عليه جميع البلاد العربية، وبحث وسائل تطور الموسيقى العربية، وإقرار السلم الموسيقي، وتقرير الرموز التي تكتب بها الأنغام، وتنظيم التأليف الناطق والصامت، الغنائي والآلي، ودراسة الآلات الموسيقية الصالحة، وتنظيم التعليم الموسيقى، وتسجيل الأغاني والأنغام القومية في كل هذه الأقطار”.

وأضاف وزير المعارف المصري قائلاً في مذكرته المرفوعة إلى رئيس الوزراء: “وقد تفضل جلالة الملك على هذا المعهد فشمله برعايته السامية، ووألاه جلالته بفضله العظيم وإرشاده الحكيم، حتى وصلت جهوده إلى مرحلة رأى جلالته أنها تؤهل لعقد مؤتمر موسيقي يدرس هذه المسائل”. وفي ختام المذكرة طالب الوزير بإقرار عقد المؤتمر “في شهر مارس المقبل”.

(نوادر النوادر من الكتب، 20، ص64).

ويضم كتاب “مؤتمر الموسيقى العربية” بابين يبحثان في المسائل الإدارية والفنية، وضمن مشتملاتها قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي، والمقابلات الملكية، “حيث سيحظى رؤساء اللجان ومندوبو الدول بالتشرف بمقابلة الملك فؤاد، وإلقاء كلمة من أحد المدعوين أمام الملك”.

ويبدو مما ورد بتعريف محتويات الفصل الثاني أن بعض البحوث قد شملت مختلف ميادين الموسيقى العربية فمثلا، ثمة “تقرير عن التأليف الغنائي، وتقرير عن الموسيقى المغربية الأندلسية الأصل، وتقرير خاص بالنوتة الأندلسية على حسب المتبع في البلاد التونسية، وفي البلاد الجزائرية، وتقرير عن الإيقاعات المستعملة في مصر وتحليلها ونماذج تلحينية عليها، والإيقاعات المستعملة في تونس ومراكش والجزائر، كما يحتوي الفصل الثاني على لجنة السلم الموسيقي، ولجنة التعليم الموسيقي، ولجنة تاريخ الموسيقى والمخطوطات، ولجنة الآلات، ولجنة المسائل العامة”.

(نوادر النوادر، 20، ص64)

ومن كتب تاريخ الصحافة العربية يعرض المجلد “تطور الصحافة المصرية” للدكتور إبراهيم عبده، 1945، ويعتقد البعض أن “الأهرام” أقدم صحف مصر اليومية، إلا أن الكتاب يقول إن عدة صحف سبقتها، ذلك “أن أول صحيفة شعبية صدرت في مصر كانت مجلة “السلطنة” سنة 1857م وأشرف عليها إسكندر شلهوب وهي تدافع عن سياسة الدولة العثمانية، ثم صدرت سنة 1866م جريدة “وادي النيل” وأشرف عليها أبو السعود أفندي لتعبر عن مجلس شورى النواب، وفي سنة 1869م أصدر إبراهيم المويلحي وعثمان جلال مجلة “نزهة الأفكار” وهي أسبوعية، وفي سنة 1875م أنشئت جريدة “روضة الأخبار” وصدرت جريدة “الأهرام” لسليم تقلا في السنة نفسها، وأشرف على معظم الصحف الشعبية جماعة من السوريين، وظهرت الصحف الشعبية أول ما ظهرت مماثلة للصحافة الرسمية مفتقدة لأهم عناصر الشعبية فيها وهي المعارضة والنقد”. (ص137)

ومن الكتب المعروضة في المجموعة “الغزل عند العرب” من تأليف “حسان أبو رحاب”، 1947، ويدافع المؤلف عن “أثر الغزل” فيقول: “لا يخفى ما في الغزل من آثار كريمة تهذب النفس وتصقل الحس، وتوقظ الهمم”، فمن آثار الغزل المرغوبة “ترقيق الحس، وسعة الحيلة لأن نيل إعجاب المرأة يتطلب الفطنة والذكاء، ويتطلب أيضاً الحيلة والدهاء، والغزل يغرس في النفس الطموح، ويعلم الإنسان التضحية وتحمل المتاعب، كما يعلم المحب الصبر”. (ص149)

ومن كتب المجموعة “المدخل إلى دراسة النحو العربي على ضوء اللغات السامية”: و”الساميون مصطلح يقولون إنه اشتق من اسم سام بن نوح، يطلق على الشعوب الآتية: العرب، والأكاديين من قدماء البابليين، والآشوريين والكنعانيين وهم: (الأموريون، والمؤابيون، والأدوميون، والعمونيون، والفينقيون)، والقبائل الآرامية المختلفة (بما فيها اليهود) وجزء كبير من سكان إثيوبيا. ويقولون إن لغاتها قاطبة تحدرت من أصل واحد، وهناك شبه في مظاهر حياة الساميين. ويقال إن شبه جزيرة العرب هي الموطن الأصلي للساميين، ومنها تمت هجرات متتالية الى بلاد ما بين النهرين، ومنطقة شرقي البحر المتوسط، ودلتا النيل. ونتج عن هذه الهجرات خلال الفترة الزمنية خليط من القبائل التي كلما انتقلت من مكان إلى آخر اتصلت وامتزجت بأسلاف الساميين وغير الساميين”. (الموسوعة العربية الميسرة).

يتبع غداً ،،،

صدور المجلد العشرين… من نوادر البابطين (1- 3) – خليل علي حيدر

مجلدات “نوادر النوادر من الكتب” التي تصدر بانتظام عن “مكتبة عبدالكريم سعود البابطين” في الكويت، حيث صدر منها المجلد 20 في يناير الماضي 2021، ستكون حتماً موسوعة تلخص زبدة الثقافة العربية المطبوعة في القرن 19 و20، تقدم خلاصة شيقة لنوادر الكتب التي أخرجتها دور الطباعة العربية في القاهرة وبيروت خاصة، وفي سورية والعراق والجزيرة العربية وأوروبا ضمن الجهد الاستشراقي وكذلك الهند بشكل عام.

هذا النشاط التوثيقي الذي تقوم به مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي دون انقطاع رغم كل الصعوبات، جهد ثقافي استثنائي وخدمة نادرة المثال للثقافة والمكتبة العربية، لما في إعداد هذه المجلدات الفاخرة من جهد، وما في إخراجها وطباعتها وتجليدها من تكلفة ومن تقدير للمحتوى الفكري فيها، وهكذا تشمل مكتبة البابطين النثر العربي برعايتها كذلك، إلى جانب ما قدمت من خدمات جليلة للشعر العربي.

“إن أفضل وسيلة لتعميم السلام وترسيخة بين البشر نشر الثقافة بمعناها الواسع التي تتضمن كل أنواع المعرفة”، يقول عبدالكريم سعود البابطين في “تصدير” المجلد 20 من المجموعة، وتحاول مديرة المكتبة السيدة “سعاد العتيقي” في المقدمة للكتاب الذي يعرض 80 عنواناً من نوادر النوادر من المطبوعات العربية، تذكير القارئ بالهوية المحورية للمؤسسة، أي نشر التراث الشعري العربي، فتقول عن محتويات هذا المجلد، في هذا العدد من مجلدات المجموعة كذلك “حضور مميز للشعر ونقده والتعريف بأعلامه”.

ومن النوادر التي يعرف بها هذا المجلد مثلا طبعة “لايبزيغ” الألمانية سنة 1826 من معلقة “زهير بن أبي سلمى” الشاعر المتوفى عام 609 ميلادية، سنة 13 قبل الهجرة، وعرف بأنه حكيم الشعراء قبل الإسلام، وقد “نشأ في عائلة تهتم بالشعر، فأبوه شاعر، وخاله شاعر، وأخته سلمى شاعرة، وابناه كعب وبجير شاعران، وكان ينظم قصيدة في شهر ويهذبها في سنة، فكانت قصائده تسمى “الحوليات” وهو الشاعر الذي لخص في بيت من الشعر عمق مأساة الوجود الإنساني في التعامل مع الموت والشيخوخة… أيهما أسبق!

رأيت المنايا خبط عشواء من تُصب

تمته ومن تخطئ يعمّر فيهرم.

في مختارات المجلد 20 اهتمام خاص بكردستان، وتلفت المقدمة النظر إلى وجود كتابين عن الكرد، أحدهما من أقدم المؤلفات التي عرّفت بالأمة الكردية وبدورها في التاريخ والدول والإمارات التي أقامتها، وهو كتاب “شرفنامة”، لمؤلفه الكردي “شرف خان البدليسي” الذي ألفه بالفارسية في القرن 16م، ثم تُرجم إلى العربية.

وفي المجال نفسه، يقدم المجلد “تاريخ الدول والإمارات الكردية في العهد الإسلامي، المترجم عن الكردية في مصر 1945 من تأليف محمد أمين زكي الوزير العراقي عام 1937، وفي الكتاب صورة واسعة التداول “للسلطان صلاح الدين الأيوبي بطل الإسلام والكرد”، ويقول الكتاب عن أصل الصورة بالعمامة التي تشبه التاج، أنها مسيحية! وأنها مأخوذة من مجلة كردية شهرية صادرة في استنبول بتركيا سنة 1913.

“وقد دل البحث على أن الأصل في صورة صلاح الدين المنشورة في أرجاء العالم حتى الآن هو ما نقل من كتاب روسي مأخوذ من دير قديم بمصر، ويدل بيتان من الشعر على أن المسيحيين في ذلك العهد رسموه ووضعوا رسمه في الكنائس”، ويقول “حكيم الزمان عبدالمنعم الأندلسي” الذي هبط مصر في عهد صلاح الدين ونظم القصائد في مدحه، ويقول عن المسيحيين:

فحطوا بأرجاء الكنائس صورة

لك اعتقدوها كاعتقاد الأقانم (ص160)

وقد حاولت أن أصل إلى تعريف من قاموس “المنجد” الصادرة عن المطبعة الكاثوليكية، لكلمة أقنوم المسيحية وجمعها أقانيم كما في الشعر السابق، وهي تعني الجوهر والأصل والشخص، ويقول المعجم الوسيط إن الكلمة “تستعمل عند المسيحيين العرب للدلالة على الثالثوث الأقدس”، ودهشت لخلو قاموس المنجد من تعريف كلمة “أقنوم” و”أقانيم”، على كثرة ورودها في النصوص المسيحية، ولم أجدها في الطبعات القديمة، عام 1951 وما قبلها كذلك، وحتى طبعة 1986، ولم أجدها إلا في “المنجد في اللغة العربية المعاصرة” الصادرة عام 2001، ومن المعروف أن على المنجد للأسف مآخذ وملاحظات كثيرة.

نعود الآن الى مجلد “نوادر النوادر من الكتب” 20، حيث يتضمن المجلد مرجعاً فقهياً مطبوعاً كذلك في نفس المدينة الألمانية “لايبزيغ” عام 1925 بالعربية والفرنسية بعنوان غير مألوف وهو “السير من كتاب القدوري في الفقه”، فمعنى “السير” في المعجم الوسيط “من الجلد ونحوه: ما يُقدّ منه مستطيلاً، أي ما يُقص منه على نحو مستطيل، وجمعها “سيور”، وهي كلمة متداولة في الفصحى والعامية، ولكن ما علاقة السير والسيور بكتاب في الفقه؟ فهل المراد “ملخص” أو “لمحة” مثلاً؟ متروك للباحثين.

كتاب القدوري “أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي” المتوفى سنة 428هـ 1037م في الفقه يعرض مجلد النوادر بعض محتوياته فيقول: “يبين المؤلف أن الجهاد فرض على الكفاية”، ولكنه يؤكد أن “قتال الكفار واجب وإن لم يبدؤوها”! و”إذا فتح الإمام بلدة عنوة فهو بالخيار، إما أن يقسمه بين جنوده، وإن شاء أقر أهله عليه ووضع عليهم الخراج”، ويقول: “اختلف الرأي في أسرى الكفار، فأبو حنيفة يمنع مفاداتهم، بينما أجاز أبو يوسف- تلميذ أبي حنيفة- مفاداتهم بأسرى المسلمين”. ثم يضيف الفقيه البغدادي: “وللإمام الخيار في قتل الأسرى، أو استرقاقهم، أو تركهم أحراراً في ذمة المسلمين”.

وفي الجزية يقول: توضع الجزية على أهل الكتاب، وعلى المجوس، وعبدة الأوثان من العجم، ولا توضع على عبدة الأوثان من العرب ولا المرتدين، ولا جزية على امرأة، ولا صبي ولا أعمى، ولا على الرهبان”، وعن الردة يقول: “وفي ارتداد المسلم عن دينه يعرض عليه الإسلام ويحبس ثلاثة أيام فإن أسلم وإلا قُتل، ويزول ملك المرتد عن أمواله، وأما المرأة إذا ارتدت فلا تُقتل، ولكن تحبس حتى تسلم”.

ويعرض الكتاب الفهقي “شروط الخليفة عمر بن الخطاب على أهل الذمة وهي: “أن لا يحدثوا بيعة ولا كنيسة في دار الإسلام، وأن لا يجددوا ما انهدم، ولا يقصروا في ضيافة المسلمين، وأن لا يتجسسوا على المسلمين، وأن لا يمنعوا من أراد الإسلام من أقاربهم، وأن لا يتشبهوا بالمسلمين في لباسهم وأسمائهم، وأن لا يركبوا على فرس مسرج وملجم، ولا يحملوا السيوف، وأن لا يبيعوا الخمر، وأن لا يشتروا عبيداً مسلمين، وإن لم يفعلوا ذلك حل دمهم”. (ص13)

تشير كتب الفقه المعروفة إلى هذه الشروط، فهل في الفقه الإسلامي المعاصر أية رؤى جديدة؟ لا تزال الكتب الفقهية من جانب آخر تردد نفس الشروط بدرجات مختلفة من الصراحة والغموض.

وينبغي الانتباه في هذا المجال إلى اختلاف الاجتهاد “الفقهي” الذي لا جديد فيه اليوم تقريباً، و”المعالجة الإعلامية والسياسية” لحقوق “أهل الذمة”، والتي تروج عادة الاعتدال وبعض التسامح، في ما يخدم قضايا الإسلام السياسي والصورة السياسية والدعائية لبعض جماعاته وبخاصة الإخوان المسلمين، الذين يمكن الخروج بأكثر من رؤية من كتبهم وإرشاداتهم و”فقه الضرورة” وغير ذلك.

وتعالج “الموسوعة الفقهية الميسرة”، بيروت 2000، لأستاذ سابق بارز في كلية الشريعة، بجامعة الكويت د. محمد رواس قلعة جي (1934-2014) أوضاع أهل الذمة بكثير من الصراحة مع المزيد من المخاوف والتحفظات على الشروط الفقهية المعروفة.

فيقول عن منح المسيحيين واليهود الحرية في المجتمعات العربية ما يلي: “منحهم الحرية: وتشتمل هذه الحرية: حرية ممارسة شعائرهم الدينية، وإقامة دور العبادة الضرورية لذلك، دون زيادة ولا توسع- فيما أرى- وحرية التنقل والإقامة في أي بلد يريدون، إلا أن تقتضي المصلحة بعدم إقامتهم في مكان معين، فيمنعون من الإقامة فيه، ومن ذلك منعهم من الإقامة في الجزيرة العربية، وفي الثغور التي هي على تماس مع العدو، وحرية التعليم، وحرية العمل، ما لم يكن هذا العمل مضرا بالأمة، فيمنعون منه”.

(الموسوعة، ج1، ص 913)

وعن “واجبات أهل الذمة” يراها في 8 نقاط:

“أ- عدم الإقامة إقامة دائمة في الجزيرة العربية.

ب- دفع الواجبات المالية المترتبة عليهم، كالجزية ونحوها.

ج- عدم اقتناء السلاح أو صنعه أو حمله.

د- عدم الاتصال أو التعاون مع أحد من أهل الحرب، فرداً كان المتصل به أو هيئة رسمية.

هـ- عدم إقامة تكتل ديني طائفي، كحزب سياسي، أو منتدى أدبي خاص بهم، ونحو ذلك، لأن هذا يعوق انصهارهم في المجتمع الإسلامي.

و- احترام المقدسات الإسلامية، كالمصاحف والمساجد وكتب الحديث والتفسير ونحوها، وعدم إهانتها.

ز- عدم استئجار الذمي المسلم لخدمته الشخصية، لما في ذلك من المهانة للمسلم، قال تعالى في سورة النساء 141 “ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا”.

ح- عدم الإضرار بالمسلمين بأي وجه من وجوه الإضرار بهم، كتنجيس المياه التي يستعملونها، أو نشر الفساد بينهم، ونحو ذلك”. (الموسوعة، ص 914)

ولا مجال للاستمرار والتوسع في مناقشة المزيد من التفاصيل، حيث نال نصيبه من النقاش في مقالات سابقة، ويكفي أن نقول إن العالم الإسلامي لا يمكن أن يتقبل بعض هذه القيود على حرية المسلمين في أوروبا وأميركا وغيرها.

يتبع غداً،،،

الأسماء البديلة للشعراء والمبدعين هل هي مجرد «استعارة» إضافية أم رغبة في استيلاد هويات جديدة لهم؟

شوقي بزيع – الشرق الأوسط :

يبدو الشعراء والفنانون في كثير من الزوايا كائنات قلقة ومتمردة على التقاليد والأعراف الموروثة، ومتبرمة بكل ما هو ناجز ومكرّس ومفروض على البشر بشكل مسبق دون اختيار منهم. وهو أمر لا ينحصر بالأنظمة الوضعية والقوانين المعمول بها فحسب، بل يتعدى ذلك إلى اللغة والأسلوب وطرائق التعبير.
إن الانتقال بهذه الأخيرة من حيّزها المعجمي المشاع بين الجميع، إلى حيّز الخصوصية والاختلاف هو ما يعطي للكتابة مسوّغها، ويمنح الشعراء والكتاب الفرادة التي يحلمون دائماً بتحقيقها. فالهويات الحقيقية، وفق هؤلاء ليست معطى ناجزاً وقبْلياً على الإطلاق، وليست تلك المركّبات والجينات المورثة التي يتم نقلها بالتواتر من جيل إلى جيل ومن جماعة إلى جماعة، بل هي تلك التي تُصنع لبنة لبنة بواسطة الأفراد الخلاقين والساعين أبداً إلى التجّدد.
وإذا كان الشعر والإبداع بشكل عام نوعاً من إعادة التسمية للعالم والأشياء والموجودات، فإن كثيراً من الشعراء والمبدعين يرتأون تغيير الأسماء الممنوحة لهم دون إرادتهم واختيارهم. فالأسماء التي نحملها في المهد ليست سوى الحلقة الأولى من سلاسل القيود والعبوديات التي تثقل كواهلنا على امتداد الحياة، وفق ما يرى جبران خليل جبران.
هكذا يصبح التبرم بالأسماء الممنوحة للبشر عند الولادة نوعاً من التعبير الرمزي عن رغبة الكتاب والمبدعين في استيلاد أنفسهم من الصفر التكويني، دون أن يدينوا لأحد بشيء مما يتوقون إلى تحقيقه. وبذلك يصبح تغيير الاسم الشرط البديهي لتغيير المسمى من جهة، والمقدمة الطبيعية والمنطقية لتغيير اللغة نفسها بما تتضمنه من أسماء وأفعال ودلالات، من جهة أخرى.
على أن التاريخ العربي يُظهر لنا بوضوح أن العرب الأقدمين لم يتركوا للشعراء في أحيان كثيرة فرصة المبادرة إلى تبديل أسمائهم، بل يتولون المهمة بأنفسهم، مطلقين على هؤلاء ألقاباً ونعوتاً مستنبطة من سلوكياتهم حيناً، ومن مظهرهم الخارجي حيناً آخر، بحيث تجبّ هذه الألقاب الاسم الأصلي وتحيله إلى النسيان الكامل.
فالعرب في الجاهلية لقّبوا عدي بن ربيعة بالمهلهل، لأنه أول من هلهل الشعر، بمعنى رقّقه وهذّبه. وقيل لُقب بذلك لأنه كان يلبس ثياباً مهلهلة. وفي رواية أخرى أن اسمه الأصلي هو سالم وليس عديّاً، وأن أخاه كليب أطلق عليه لقب الزير لأنه كان زيراً للنساء، فعرفته السير الشعبية باسم الزير سالم. أما ميمون بن جندل فقد لُقب بالأعشى لأنه كان ضعيف البصر، ولم يترك اللقب للاسم من يتذكره. واحتفظ زياد بن معاوية بلقب النابغة دون سواه، بعد أن أطلق عليه لنبوغه في الشعر.
وحمل جرول بن أوس لقب الحطيئة، لقصر قامته، كما اشتُهر غياث بن غوث التغلبي بالأخطل، بعد أن لاحظ المحيطون به خطلاً في لسانه غير قابل للتصحيح. وسواء حمل أبو نواس هذا اللقب بفعل الذؤابتين اللتين كانتا تنوسان على جبهته، أو تيمناً بأحد ملوك اليمن، فإن هذا اللقب استطاع أن يدفع إلى الخلف بالحسن بن هانئ، وهو الاسم الأصلي، تماماً كما حدث لأحمد بن الحسين، الذي أطاح باسمه لقب المتنبي بعد أن اتُّهم بادعاء النبوة.
ولم تأخذ ظاهرة الأسماء البديلة عند الشعراء والكتاب طريقها إلى الاضمحلال في القرنين الماضيين. وهي ظاهرة لم تنحصر في العرب وحدهم، بل تجد نظائر لها عند سائر الشعوب، وعلى امتداد العالم برمته. لكن الذي ميز الغربيين عن سواهم، هو أنهم لم ينتظروا من جهتهم من يخلع عنهم أسماءهم الأصلية، ليستبد بها ألقاباً متصلة بأخلاقهم أو انحرافاتهم السلوكية أو علاماتهم الجسدية الفارقة، بل بادروا بأنفسهم إلى اختيار أسماء بديلة، ما لبثت مع الزمن أن طغت على الأسماء الأصلية للشعراء وحجبتها تماماً.
وغالباً ما يكون هذا التبديل ناجماً عن عدم استساغة أسمائهم الأصلية لطولها وصعوبة نطقها، الأمر الذي يدفعهم إلى اختيار أسماء أكثر سلاسة، وأسهل نطقاً. وهو ما يبدو واضحاً في حالة الشاعر التشيلي بابلو نيرودا الذي آثر أن يختار اسمه الأدبي بنفسه، فراراً من اسمه الأصلي المعقد والفضفاض: ريكاردو أليسير نفتالي رييس باسولانو.
وفيما لا يكاد أحد من عشاق نيرودا وقرائه يعرفه بهذا الاسم، فإن القليلين أيضاً يعرفون أن الاسم الأصلي للشاعر الفرنسي بول إيلوار هو يوجين إميل بول جريندل.
أما على المستوى العربي فقد بدا واضحاً أن تقلص دور الشعر وتبدل وظيفته دفعا بالمجتمعات العربية إلى إعفاء نفسها من مهمة البحث عن أسماء وألقاب جديدة للمشتغلين بهذا الفن، الذي لم يعد ديوانها ومرآتها وشغلها الشاغل.
وإذا كان ثمة ألقاب ونعوت أُطلقت على الشعراء زمن النهضة الأولى لأسباب مختلفة، كأن ينعت البارودي بشاعر السيف والقلم وخليل مطران بشاعر القطرين وحافظ إبراهيم بشاعر النيل، فإن هذه الألقاب لم تحل محل الأسماء الأصلية ولم تنافسها في الشهرة والانتشار.
بعد ذلك تُرك للشعراء وحدهم أن يسبغوا على أنفسهم ما يرتأونه من الأسماء. وحيث بدا بعض الشعراء مصرّين على الاحتفاظ بالأدوار السياسية والإعلامية التي سبق أن لعبوها في الماضي، فإن الأسماء الجديدة التي اختاروها لم تكن ناجمة عن تنافر في حروف أسمائهم الأولى، أو عن صعوبة في نطقها، بقدر ما كانت ترجمة رمزية لقناعاتهم ومواقفهم السياسية والآيديولوجية. فاختيار الشاعر اللبناني بشارة الخوري لنفسه اسم الأخطل الصغير، لم يتم لأسباب إبداعية بحتة، بل لأن الخوري، وهو المسيحي المدافع عن قضايا العرب، أراد أن يتماهى مع جده الأول الذي لم تمنعه نصرانيته من الدفاع عن الأمويين العرب، بصرف النظر عن الاختلاف في الدين. ولم يكن رشيد سليم الخوري ليختلف في مواقفه القومية عن زميله الآخر، إلا أنه ارتأى، وهو الشاعر الرومانسي المغترب في البرازيل أن يختار لنفسه لقب الشاعر القروي، تعبيراً عن حنينه إلى مسقط الرأس ورائحة التراب الأم.
أما محمد سليمان الأحمد، فيدين باسمه البديل «بدوي الجبل» إلى يوسف العيسى، صاحب جريدة «ألف باء» الدمشقية الذي اقترح عليه أن يوقع قصائده بهذا الاسم، ليس فقط للبداوة التي تسِم لغته ولكونه ابن الجبال المعروفة بجبال العلويين، بل «لأن الاسم المستعار سيدفع الناس إلى قراءة نصوصه والتساؤل عن حقيقة كاتبها»، كما يروي عزيز نصار في كتاب له.
وفي السياق نفسه، حمل شاعر الأردن الشهير مصطفى وهبي التل لقب «عرار»، ليس فقط تيمناً بأحد الشعراء الصعاليك في العصر الأموي، بل لأن شعره يلتصق بجذوره المحلية، ويتسم بطيب الرائحة، مثل تلك النبتة المنتشرة في صحارى العرب التي يشير إلى عبقها الصمة القشيري بقوله: «تمتّع من شميم عرار نجدٍ/ فما بعد العشية من عرارِ».
وإذا كان من المتعذر أن نضع ثبتاً شاملاً بكل الشعراء والكتاب العرب الذين اختاروا لأنفسهم أو اختيرت لهم أسماء بديلة طغت على الأسماء الأصلية وطمستها، فإن من الواضح تماماً أن معظم شعراء الحداثة المؤسسين قد عزفوا عن اختيار أسماء بديلة لهم، بدءاً من السياب والملائكة والبياتي والحيدري وعبد الصبور، وصولاً إلى الفيتوري وحجازي والماغوط وأنسي الحاج ودرويش وغيرهم.
ومع أن البعد التموزي كان أحد الأبعاد الرئيسية للحداثة الشعرية العربية ذات المنحى «القيامي»، فإن فكرة الموت والانبعاث، أو الجدب والخصب التي شهدت ترجمتها الفعلية في الأدبين المشرقي والمصري على وجه الخصوص، حيث تقاطعت الأسطورة مع الدين في غير زاوية ومكان، وحيث بدت عذابات المسيح وقيامته الوجه الآخر لصورة تموز، كما لصور أوزبريس والطمي والعنقاء وطائر الفينيق، فإن أياً من شعراء الحداثة المصريين لم يخطر له أن يستبدل اسمه بواحد من الآلهة الكثر المنتشرين على ضفاف النيل. فيما أن الرواية المصرية، خصوصاً عند نجيب محفوظ هي التي قامت بالمهمة.
أما في المشرق، فإن الأبعاد التموزية للحداثة لم تنعكس في النصوص وحدها، بل في أسماء المبدعين أنفسهم، حيث عمد الشاعر والكاتب اللبناني فؤاد سليمان إلى توقيع كتاباته باسم «تموز»، فيما كان الشاعر السوري علي أحمد سعيد يستبدل باسمه الأصلي اسم أدونيس، ليصبح بعد سنوات أحد أكثر الشعراء العرب حضوراً وفرادة وإثارة للأسئلة. وسواء كان أنطون سعادة هو الذي أطلق عليه هذا الاسم، أو هو الذي اختاره بنفسه، فإن الأمر سيان في رأيي، لأن منبع التسمية يأتي من جهة الآيديولوجية السورية القومية التي نادى بها سعادة واعتنقها أدونيس، التي رأت في أساطير سومر وأكاد وبابل وكنعان، ما يؤكد المنابع الثقافية المشتركة لمنطقة الهلال الخصيب.
على أن الاسم وحده لا يكفي بأي حال لبلوغ الاسم منتهى غاياته، أو لجعل الأسطورة الأصلية رافعة للشهرة والمجد. فحيث تمكن محمد الماغوط أن ينتزع لنفسه بالاسم الأعزل والإبداع المجرد مكانة تقارب الأسطورة في الشعر العربي المعاصر، لم يشفع لمواطنه وقريبه صدر الدين الماغوط تسلحه بلقب «زيوس»، كبير الآلهة عند اليونان، لأن نصوصه الشعرية ظلت أسيرة الخيال الشحيح والأفق التعبيري المحدود.
أخيراً، تجدر الإشارة إلى غياب ظاهرة الأسماء البديلة عن المشهد الشعري العربي في عقوده الأخيرة. ذلك أن الشعر لم يعد يتغذى من مصادر رومانسية وغيبية وفوق أرضية، ولا من شياطين عبقر وأوديتها، إنما من حواضر الحياة القريبة وفُتاتها اليومي.
لقد سقطت فكرة الشاعر النبي والشاعر الفحل والشاعر الأسطورة، و«لم يعد للشعراء من يكاتبهم» حتى على عناوينهم الأولى وأسمائهم الأصلية !

المصدر

 

171 خطاباً خلال 13 سنة من حكم الشيخ صباح الأحمد .. في أحدث إصدارات مركز البحوث بعنوان «المواطنة في كلمات الأمير»

أحدث إصدارات مركز البحوث والدراسات الكويتية كتاب “المواطنة في كلمات حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح”، والذي يعد من المراجع المهمة في تراث المواطنة.

تبرز أهمية العمل الذي انطلق به مؤلف كتاب “المواطنة في كلمات حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح” من واقع يشير إلى أن معدلات المواطنة داخل المجتمع الكويتي بأبعادها المختلفة غير مرضية، ولا تتوافق مع ارتفاع معدلات الانتماء والولاء، فالمواطنة كما يشرحها المؤلف يعقوب الكندري هي “وحدة وهوية مجتمعية، وهي ولاء وانتماء”، بعد أن تجاوز مفهوم المواطنة مجرد وثيقة للجنسية الممنوحة للفرد، إلى أبعاد ومظاهر تحتاج إلى الدراسة والتحليل.

ويعتقد الكاتب أن هناك مشكلة رئيسية يواجهها المجتمع في مفهوم المواطنة الصالحة، لذلك أقدم على تجميع وتصنيف وتحليل خطابات المغفور له الأمير الشيخ صباح الأحمد، من تاريخ بدء حكمه في 2006 حتى عام 2019، أي ما يقارب 13 عاما من ترؤسه للسلطات، وتم الحصول على الخطابات من موقع الديوان الأميري وموقع الأمانة العامة لمجلس الوزراء.

تصنيف الخطابات

 

بلغة الأرقام وصل عدد الخطابات خلال تلك الفترة إلى 171 خطابا، وارتبط 96 منها بالخارج، بينما بلغ عدد الخطابات المحلية 75، وبمعدل 12.21 خطابا كل عام من الأعوام الـ13، و5.36 خطابات محلية كل عام، وتم تحليل واقع الخطابات كافة لاستخراج الجوانب المتعلقة بالمواطنة، بحيث جرى تجميع 63 خطابا أغلبها محلي و3 خارجية.

واعتمد الباحث على الجوانب النظرية والأطر المفاهيمية واستخدامها، نظرا للخبرة التي اكتسبها في سنوات سابقة، بعدما تجاوزت دراساته 14 بحثا في مجال المواطنة والهوية الوطنية.

الفصول الأربعة

 

أربعة فصول احتواها الكاتب، تناول فيها أبعاد المواطنة وقيمها وارتباطها بالمؤسسات الاجتماعية (الأسرة – المدرسة – الإعلام – المؤسسات الدينية والتشريعية والأمنية والمجتمع المدني)، وخص الفصل الثالث بالوحدة الوطنية، والرابع بالديمقراطية واحترام الرأي والرأي الآخر واحترام القانون والإعلام والمواطنة.

الكتاب دراسة شاملة، استوفت شروط البحث والمنهجية الاجتماعية، بحيث يصح أن يتحول إلى مادة تدرس في المراحل الثانوية والجامعية، نظرا للجهد المبذول فيه، ولإحاطته بالموضوع بشكل عميق وعلمي ودقيق.

الاستنتاجات

 

وسجل الدكتور الكندري جملة من الملاحظات والاستنتاجات والقضايا التي أشار إليها سمو الأمير وهي:

أولا: احتوت الخطابات على أكثر من عنصر أو بعد من أبعاد المواطنة في الخطاب الواحد.

ثانيا: غلب على خطابات الداخل التركيز على مفاهيم المواطنة وأبعادها، فلم يخل خطاب من خطاباته الموجهة محليا من الإشارة إلى هذا العنصر.

ثالثا: جاءت الخطابات مرتبطة بمستوى اللقاء، مثل أدوار الانعقاد لمجلس الأمة وفي شهر رمضان وفي العشر الأواخر.

رابعا: تفاوتت الخطابات بين شدة الكلمة ولينها وارتباطها بالأحداث السياسية والحياتية اليومية، فقد شعر بأن يُنبه على بعض الأحداث والسلوكيات التي تُعرض الكويت ووحدة الصف للخطر، فكان لا يتوانى عن إطلاق تحذيرات تتسم بالوضوح والشدة في عرض الواقع، وما ستؤول إليه الأمور انطلاقا من حرصه وخوفه من الانفلات، من هنا الحرص على استخدام عبارات الحزم متى استدعى الأمر.

خامساً: جاءت كلماته بمنزلة التوجيه والنصح وفي أماكن أخرى، عبارات عتب ولوم وقلق ودق جرس الإنذار انطلاقا من الأحداث المحيطة.

سادساً: كثير من كلمات سموه كانت موجهة إلى أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية بشكل مباشر، لكن المضامين في الغالب موجهة للشعب.

سابعاً: كان حريصاً على أن يلقي خطاباً متى دعت الضرورة والحاجة إلى ذلك، فقد زادت خطاباته في وقت التوتر السياسي بين السلطتين، وما شهدته الساحة السياسية من خروج إلى الشارع وفي أثناء التجمعات.

ثامنا: يعرض بعض الأحداث بدقة انطلاقا من مسؤوليته عن البلد وعن أحوال أبنائه، والكثير من الأحداث عرضها بدقة وبتشخيص متناهٍ.

تاسعا: تميزت بصراحة بالغة ومطلقة لعرض واقع اجتماعي محدد.

عاشرا: استلهم في خطاباته عبارات وكلمات من التراث ومن الموروث الثقافي.

أحد عشر: أبرز القضايا التي ركز عليها وحذر منها هي تلك المتعلقة بالإعلام وما يلعبه من دور مهم في هدم أركان الدولة أو بنائها، فهو أداة أدرك سموه أهميتها وخطورتها ومدى تأثيرها في الواقع الاجتماعي.

اثنا عشر: اعتمد على ضرب الأمثلة الحية والمباشرة عندما ترتفع وتيرة الأجواء السياسية أو تزيد في الشارع السياسي، ويضع الحلول المناسبة لها.

عبارات خالدة

 

ثلاث عبارات اختزلت موضوع الكتاب، جاءت في أحد الخطابات على النحو التالي: “إن المواطنة الحقة تقاس بما يقدم للوطن من عطاء وإخلاص وولاء وتضحية وفداء، فليس الانتماء للوطن شعارا يتغنى به، بل هو عمل وتفان للحفاظ على أمنه واستقراره ورفعة شأنه”.

ذلك كان التمهيد للكتاب الصادر حديثا عن مركز البحوث والدراسات الكويتية، يأتي في وقت تستذكر الكويت مآثر المغفور له الشيخ صباح الأحمد، وهي أحوج ما تكون إلى جعل المواطنة، على قائمة الأولويات، وإشاعة هذه الثقافة لبناء مجتمع متماسك.

المصدر : جريدة الجريدة

بدء التسجيل لجائزة اليونسكو – الملك حمد بن عيسى آل خليفة لإستخدام تكنولوجيا المعلومات والإتصال في مجال التعليم 2020م

أعلنت سفارة مملكة البحرين في دولة الكويت عن بدء التسجيل لجائزة اليونسكو – الملك حمد بن عيسى آل خليفة لإستخدام تكنولوجيا المعلومات والإتصال في مجال التعليم 2020م.

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عن فتح باب التقدم للمنافسة على جائزة اليونسكو- الملك حمد بن عيسى آل خليفة – لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال في مجال التعليم في دورتها الثانية عشرة للعام 2020م ، والموجهة للأفراد والمؤسسات والمنظمات على الصعيد الدولي، حيث سيكون موضوع الجائزة لهذا العام ” استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز استمرارية التعلم وجودته”، وسوف يكون الموعد النهائي لتقديم ملفات الترشيح لنيل الجائزة هو 18 ديسمبر 2020م.

كما بالامكان تحميل استمارة الترشح من خلال الموقع الرسمي لليونسكو على الإنترنت.

https://en.unesco.org/news/unesco-prize-use-ict-education-call-nominations-now-open-projects-ensuring-continuity-and

UNISCO

الأدباء العرب يستذكرون إسماعيل الفهد في الذكرى الثانية لرحيله

تمرّ الذكرى الثانية لرحيل الأديب إسماعيل الفهد، الذي توفي في 25 سبتمبر 2018، وهو الملقّب برائد ومؤسس فن الرواية.

اتسمت تجربة الأديب الراحل بالثراء والتنوّع، لاسيما أنه أقام بأكثر من دولة، في الكويت والعراق والفلبين، وكان يردد أنه «كائن كوني، متجاوز لحدود الجغرافيا، والوثائق الرسمية والتصنيفات»، وتمكّن الفهد من غرس جذور رواياته في مصر ولبنان وفلسطين والعراق والكويت.

ويعد الراحل رائداً ومؤسساً لفن الرواية في الكويت، وحاز عدة جوائز ثقافية مرموقة، منها جائزتا الدولة التشجيعية والتقديرية، وجائزة سلطان العويس، وجائزة الشيخ زايد، إضافة إلى تأهّله للقوائم القصيرة والطويلة لجائزة البوكر للرواية العربية.

موجّه فني

 

وُلد الراحل في العراق عام 1940 وحصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية في عام 1979، وعمل مدرسا بمدرسة المتنبي المتوسطة، ورئيسا لقسم الوسائل السمعية في إدارة التقنيات التربوية، وموجها فنيا في إدارة النشاط المدرسي بوزارة التربية.

وبمناسبة مرور السنة الثانية، استذكره عدد من الأدباء العرب، وضمن هذا السياق قال الكاتب طارق هاشم: صديقي… ما زلت أتصفح، بشكل عشوائي، روايتك التي أهديتني إياها «يحدث بالأمس»، لا بتسلسل الصفحات التي نظمتها أنت بعناية فائقة».

وأضاف: «لأنني أشعر بالارتباك في هذا العالم الموحش الذي تركتني فيه ورحلت، آه .. لو تعلم كم كانت مهمة عسيرة كتابة رسالتي الأولى هذه لك، هل أرسلتها إليك إلى هناك حيث اللاعنوان واللامكان، هل ستعكّر عليك روحك الراقدة بسلام، أو ربّما أنت هناك تراقب حماقاتنا وتدونها بحكمة العارف بكل شيء، ربّما ستدون وتصف تصورات عقلنا المتشائم ضد إرادة التفاؤل في هذا الزمن المتلبس».

وحول فيروس كورونا، قال:» زمن جائحة فتكت بأحلامنا وأوهامنا، ولم تكن في الحسبان، ربما نحن من يستحق الرثاء في زمن المحنة والاغتراب وعجائب لم نشهدها من قبل أيها الحكيم العارف، ما زالت الغربة تلاحقني حيث حللت، فلا نسيب ولا رفيق ولا صديق يرثيني على حالي».

ويوجه هاشم رسالة إلى الراحل: «صديقي الغائب الحاضر إسماعيل… أحتاجك أكثر، (فأنا الغريب في الجملة من كلّه حُرقة، وبعضه فُرقة، وليلُه أَسَف، ونهارُهُ لهف، وغَدَاؤه حَزَن، وعشاؤه شَجَن، وآراؤه ظنَن، وجميعه فِتن، ومفرقه مِحَن، وسِرّه عَلن، وخوفه وطن).

بدورها، قالت الكاتبة والمترجمة دنى غالي: لا يمكن ألّا يكون مكانه الفارغ أليما، في الحوارات التي أتخيلها تجري بيننا حيال الحياة، الوجود، في قراءاتي، كتاباتي، في الانتصارات التي أشعر به يبتسم لي زهوا بتحققها. العاطفة التي تجمعنا هي الأشد قدحا لتجذّرنا في الحياة، لتحققنا ومواصلتنا. نحن ممسوسون بها، هي من الرّفعة والرقيّ ما يجعل نسيانه أمرا مرفوضا، حتى ذات الحماسة والانفعال اللذان لا يمكن للعقل ولا الإرادة أن يدخلا ميدانا من دونهما.

وتابعت: «متشعبة الطرق التي مشيناها تتردد فيها أصداء شتى، صدى احتضانه للوالد حال مغادرته العراق قسرا، مُلاحقا من قبل سلطة البعث في عام 79، الكتب المهداة إليّ بتوقيعه في أول الدرب والقراءات. الكائن العزيز وسط العائلة، صدى «النقطة الأبعد» التي حطّت بين يديه، أول رواية لي، منوّها بخطّ يده بقلم الرصاص إلى «كتابة مغايرة»، صدى احتفائنا باسمه وهو يكرّم بحبّ الناس المرة تلو المرة.

وخلصت إلى القول: «في كل مرة أفشل وأعجز ويفوقني الصمت في التعبير عن افتقادي، ولكن محاولة التعبير عن هذه العاطفة ذاتها هي التي تقف خلف مواصلتي المحاولة مرة بعد أخرى».

صروح محبة دائمة

 

فيصل خاجة

كان أديبنا النوعي متدفق العطاء، مخلصاً لقضيته الأسمى «الإنسان»، فكان نضاله الذي تجاوز ثلاثة ملايين كلمة مطبوعة احتوت عليها أعماله، عبر أكثر من نصف قرن، والتي تنوعت ما بين القصة، والرواية، والمسرحيات، والدراسات، والشعر، والأعمال التلفزيونية وغيرها. وكانت الرواية ميدانه المفضل، مستحوذة على ثلثي إنتاجه الفكري، هذا الميدان الذي صال وجال فيه بأساليب وأدوات تخيل لك أنك تقرأ لكتاب مختلفين؛ من فرط تباينها، مخاطبا مختلف القراء بتباين خبراتهم وأذواقهم مبديا الاحترام لهم، وهو الذي كتب: «عندما يضع الكاتب نصب وعيه أنه يخاطب قارئا نبيلاً نبيهاً في الوقت ذاته، يلزمه احترام ذكاء شريكه». هذه الأعمال كتبت لتبقى على الدوام «خطوة في الحلم».

أما على الصعيد الشخصي، فقد ترك غيابه فراغا في نفسي لا يعوض، فقد كان المعلم والصديق والحكيم الذي ألجأ إليه بفلسفته المتسامحة مع كل الأشياء والمحبة للإنسان والحياة، لم يغب عنه أن يوصينا حتى بكيفية التعامل مع الحزن قائلا: «ورد في سفر الأحوال أن الحزن سمة الكائن البشري، ومن أحسن تداوله عرف كيف يقيم صرح محبة»، وها نحن نقيم من حزننا على غيابك صروح محبة دائمة.

غاب ولم يغب

 

ليلى العثمان

كيف تركض الأيام والأسابيع لتكتمل السنة الثانية، سنتان مسحتا الكثير من الأحداث، لكنهما لم تستطيعا أن تمسحا حضوره الدائم في القلب والذاكرة، فهو الغائب الحاضر، البعيد القريب.

بالأمس كان يجلجل بضحكته (له ضحكته الخاصة). بالأمس كان يجلس بيننا يحتويتا بالمحبة والرعاية يجاذبنا الحديث فَرِحاً أو حزيناً، يتابع إنتاج الشباب، قراءة مرهقة، رغم وقته الثمين. يناقشهم بأعمالهم، يُسدي لهم النصيحة بلا شدّة، بل بحنان أتضايق منه أحياناً، أقول له لا تُفسد الشباب بدَلَعِكَ لهم، القسوة ضرورية لمن يبدأ أول سطوره. يضحك ويقول: «لا أحبّذُ كسرَ طموحهم، ومع الوقت سيتعلمون».

إسماعيل صديق العمر الذي لازمته طوال السنوات. لا أذكر أننا تخاصمنا يوماً ولا تباعدنا، كنّا رفقاء حياة ورفقاء سفر، كنّا أنا وهو والصديق طالب الرفاعي نشكّل ثلاثياً نادراً، وكان بعض الناس يحسدوننا على علاقتنا المتينة، وكم حاولوا إفساد تلك العلاقة، لكنّها – العلاقة – وقفتْ تجابه الحسد والضغينة بالإهمال والتّرفّع والاستمرار.

أذكر ليلة اتصل بي متأخراً بعد أن قرأ روايتي «حكاية صفية»، كان سعيداً بها، وقال لي مازلتِ متطوّرة في كتابتك وستبقين. ووعدته بذلك. والآن وأنا أكتب روايتي الجديدة يُطلّ عليّ من بين السطور يراقبني ويطلب منّي «احذفي هذه الجملة»، «راجعي هذا الفصل»، «هنا كتبت شيئا جميلاً»، «وهنا غلبكِ الحزن»، «هنا أضيفي بعض الحوار بين حمد وأعمامه». هكذا يشاغبني كما كان يفعل دائماً وأحب مشاغباته التي تُشعرني بحضوره معي.

كان بيننا حبٌ مستقرٌ من نوع خاص، لا تُعكّره الفصول بكلّ تنوّعها، الصيف مع شدّة حرارته يزيدنا دفئاً، والشتاء بمطره يغسلنا من الشوائب، والربيع ينثر علينا وروده الملوّنة، والخريف يُنذرنا بأن للعمر نهاية، ونستمرّ رغم تساقط أوراقنا يوماً بعد يوم.

غاب ولم يغب. ظلّ وجهه الجميل وعيناه الزرقاوان مثل سماء صافية، رحل ولم يرحل، ظلّت أشياؤه وكتبه بيننا نعود إليها كلّما مَسّ الحنين مشاعرنا. مات ولم يمت، فالقلب ما يزال ينبض بحبه حتى نلتقيه في عالمه، سنتان مرّتا يا إسماعيل وما نزال على ذكراك الطيبة اليانعة في قلوبنا.

بتوقيت الشمعة الثانية: إسماعيل فهد إسماعيل

 

مقداد مسعود

في المرحلة الروائية الأولى تناول إسماعيل فهد إسماعيل فرداً من المجتمع، وشكله روائياً ضمن حقبة الستينيات العراقية المحتدمة سياسياً في البصرة، والجديد هنا هو الاقتصاد الأسلوبي في تناول الشخصية مع شعرنة الوحدات السردية، والتوظيف الحيوي لمنجز تيار الوعي، كل ذلك قام بتكثيف نصوصه فتدفقت روايات إسماعيل: قصيرة وعميقة، وهي: «كانت السماء زرقاء» و«المستنقعات الضوئية» و«الحبل»، وجاء الجزء الرابع «الضفاف الأخرى»، وهنا تفرد إسماعيل على مستوى صدمة التلقي، فالقارئ سيباغت بين الحجم الصغير للرواية والصفحات القليلة وغياب التفاصيل المترهلة التي تآلف القارئ معها، والأجمل هو ذلك الغموض السردي الشفيف.

بعد الرباعية التي تدور في البصرة، يباغتنا إسماعيل بعدة تنويعات من السرود وصولاً إلى ثلاثية تدور في مصر، وهنا يغترف إسماعيل من ذاكرة المؤرخ الجبرتي، ويقوم بتدوير السرد مغترفاً من النيل الذي يجري شمالاً: البدايات/ النواطير/ الطعم والرائحة، وفي التسعينيات صدرت لإسماعيل سباعيته الروائية إحداثيات زمن العزلة.

مهارة إسماعيل السردية هي نقلاته الأسلوبية المتجددة، وعياً منه بضرورة التجاوز على مستويي: المعمار الفني، والموضوع.

نزهتي في عوالم إسماعيل الثرية غدت سنوية، ومن منصة هذه النزهات انطلقت مخطوطة كتابي «فصوص الخاتم»، وفي زيارته الأخيرة للبصرة سلّمت إليه نسخة من المخطوطة التي تناولت فيها: الجهوية الجديدة في سرديات إسماعيل التي تتجاوز نفسها دائماً:

* رأسك في طريق واسمك في طريق أخرى

* في حضرة العنقاء والخل الوفي

* طيور التاجي

* الظهور الثاني لابن لعبون

* السبيليات «ما لم يرد ذكره في سيرة أم قاسم»

* على عهدة حنظلة

* صندوق أسود آخر

في الغالب علاقتي تتحدد بالنصوص، إلا مع الأخ والصديق الشفيف المبدع الكبير إسماعيل فهد إسماعيل، فعلاقتي تماهت مع شخص إسماعيل ونصوصه، فكنت كأني أقرأها بأذنيّ إذ كانت قراءتي تستضيء بصوته… طيّب الله ثراك يا أبا أسامة… تبقى سيرتك العطرة وأعمالك نجوم هداية لقوافل الأجيال الأدبية.

التواضع والشغف والمحبة

 

سليمان البسام

في هذا الموسم؛ موسم ذكرى رحيلك المفجع، يحطّ الهدهد على أرض الكويت ليرتوي بالقليل من الماء قبل أن يستأنف رحلته تجاه الهند…

 

المصدر جريدة الجريدة

مجلة البابطين الثقافية الالكترونية
%d مدونون معجبون بهذه: