قال المترجم نزار سرطاوي إن كتاب “صلوات العندليب- مختارات شعرية” للشاعرة والمناضلة الهندية ساروجيني نايدو يشتمل على “40” قصيدة مترجمة تم اختيارها من دواوينها الثلاثة الأكثر شهرة وهي: العتبة الذهبية (1905)، طائر الزمن: أغاني الحياة والموت والربيع (1912)، الجناح المكسور: أغاني الحب، والموت والربيع (1917) ووزعت القصائد على نحو: “العتبة الذهبية: ثماني عشرة قصيدة”، “طائر الزمن: اثنتا عشرة قصيدة”، “الجناح الكسور: عشر قصائد”.
وأشار سرطاوي الذي قام بترجمة هذه المختارات، إلى أن ما شده في شعر نايدو هو “صورها الشعرية الخلابة والغنائية العذبة التي تميزت بها”، وكذلك سبكها الشعري المحكم ومفرداتها وعباراتها المنتقاة بعناية فائقة. فقد صاغت قصائدها بلغة إنجليزية رصينة تضاهي ما كتبه الشعراء الإنجليز المعاصرون لها أو من سبقهم، وقد اعتبرها الناقد والكاتب البريطاني “إدموند غوس” أبرع من كتب من الهنود باللغة الإنجليزية وأكثرهم أصالة ودقة في التعبير.
ويذكر أن نايدو “1879-1949” ولدت في حيدر أباد ولقبت بـ”بهاراتيا”، (والعندليب من الهند)، وهي مناضلة في سبيل الحرية، وشاعرة، وهي أول امرأة هندية تصبح رئيس المؤتمر الوطني الهندي، وأول امرأة تصبح الحاكم في ولاية “اوتار براديش”، وكانت نشطة في حركة الاستقلال الهندي، وانضمت إلى المهاتما غاندي في آذار (مارس).
وبين المترجم في مقدمة المختارات، أن الفترة التي قضتها نايدو في انجلترا كان لها أثر كبير في حياتها، فقد تحررت روحها الشعرية، مما أتيح لها أن تلتقي بالشعراء والنقاد من أمثال آرثر سمونز، والشاعر والناقد إدموند غوس؛ حيث توثقت علاقتها بهما فظلت على اتصال بهما حتى بعد عودتها إلى الهند، وأقنعها سيمونز بنشر بعض قصائدها.
وقد نشرت مجموعتها الشعرية الأولى وهي بعنوان “التعبة الذهبية” في العام “1905”، ولقيت ترحيبا كبيرا من القراء الهنود في أرض الوطن وفي الشتات، بعد ذلك صدرت لها مجموعات شعرية أخرى منها “طائر الزمان: أغاني الحياة والموت والربيع” في العام 1912، “الجناح المكسور: أغاني الحب والموت والربيع” 1917، كما صدر لها “محمد جناح: سفير الوحدة” في العام 1916، وبعد فاتها أصدرت ابنتها كتابان أحدهما مجموعة شعرية بعنوان “ريشة الفجر” في العام 1961، والآخر “النساجون الهنود” في العام 1971.
ويستعرض سرطاوي جزءا من تاريخ نايدو، فقد التقت في العام 1916 مع المهاتما غاندي، وبدأت بتوجيه طاقاتها للكفاح من أجل الحرية وأصبح استقلال الهند شغلها الشاغل، وكانت تسافر في طول البلاد وعرضها وتبث الحماس بين أبناء وطنها للوقوف في وجه الاستعمار الانجليزي، وكانت معظم القصائد التي كتبتها في تلك الفترة تعكس آمال وتطلعات الشعب الهندي. وفي العام 1925، ترأست نايدو قمة الكونغرس في مدينة “كانبور”، وفي العام 1930 سافرت إلى الولايات المتحدة حاملة معها رسالة حركة اللاعنف من المهاتما غنادي، وحين اعتقل غاندي في العام 1930، استلمت الشاعرة زمام الأمور في حركته.
ومن المعروف أن نايدو هي الابنة البكر للعالم والفيلسوف والمربي بردى سونداري ديفي، وهو مؤسس كلية “نزام”، وأول عضو في المؤتمر الوطني الهندي في حيدر أباد مع صديقه الملا عبد القيوم، أقيل من منصبه كرئيسي ونفي انتقاما لأنشطته السياسية.
وأوضح المترجم أن الشاعرة تأثرت كثيرا بكبار الشعراء الإنجليز مثل “بيرسي بيش شيلي، وإليزابث باريت براوننغ، وألفر تينيسون”، مشيرا إلى أن ذلك انعكس على بداياتها الشعرية، وقد نصحها الناقد الإنجليزي غوس بأن تلقي بما كتبته في سلة المهملات، وأن تخرج من عباءة الشعر الإنجليزي وتكتب بعقلية هندية، فكان لنصيحته الأثر البالغ فيما أنتجته الشاعرة بعد تلك المرحلة، فانطلقت تكتب للهند وعن الهند بروح هندية خالصة، فالقارئ لقصائدها لن يفوته اهتمامها البالغ بالثقافة الفلكلورية للشعوب الهندية، فقد احتلت الحياة اليومية بحركتها وصخبها وتنوع مظاهرها حيزا كبيرا من إنتاجها الشعري، فالكثير من قصائدها تتغنى بمختلف الطبقات الاجتماعية ومختلف العقائد والمذاهب والمهن والعادات والممارسات الهندية.
ويذكر أنه بعد أن أعلن المؤتمر الوطني في كانون الثاني (يناير) 1930، استقلاله عن الامبراطورية البريطانية. تم اعتقال غاندي، وبعد فترة اعتقلت نايدو وظلت في السجن لأشهر عدة، أفرج عنها مع غاندي، في كانون الثاني (يناير) 1931، واعتقلوا مرة أخرى في وقت لاحق من ذلك العام، وأفرج عن نايدو بسبب سوء حالتها الصحية وغاندي أفرج عنه في العام 1933. في العام 1931، شاركت في اجتماع المائدة المستديرة لمؤتمر القمة، جنبا إلى جنب مع غاندي والمثقف 1942، ألقي القبض عليها خلال احتجاج “اتركوا الهند” وبقيت في السجن لمدة 21 شهرا مع غاندي.
ومن قصائدها قصيدة بعنوان “أنشودة شيرازية”، تقول فيها: “المنشدون الشيرازيون يحتفلون في أقاصي الأرض/ليستقبلوا النيروز بالسارانجي والسيتار/لكن ما هي موسيقاهم تلك التي تناديني/من البستان البهيج والمئذنة البهيّة؟/لسوف تتناثر النجوم كالمجوهرات الزجاجية/ويُقْذَف بالجَمال مثل الصَدَفَة في البحر/قبل أن تسبق عيدان ضحكتهم السحرية/عيدانَ دموعكَ يا محمد علي!/من أبراج مساجد شيراز قبل أن يهِلَّ ضوء النهار/قلبي يؤرّقه صوتُ المؤذن/لكن ما هو صوت تحذيره لي/الذي ينَبِّه الدنبا إلى كفّارة الذنب”.
ويذكر أن نايدو نجحت في الامتحان التوجيهي من جامعة مدراس في الثانية عشرة من العمر، وكانت الأولى في الرئاسة الأولى بأكملها. في العام 1891 حتى 1894 أخذت إجازة من دراستها وشرعت في قراءة واسعة عن مختلف المواضيع، في سن السادسة عشرة، سافرت إلى انجلترا لأول دراسة لها في كلية “كينغز” في لندن وبعد ذلك في كلية “كمبريدج”.
وسرطاوي هو شاعر وكاتب ومترجم، وعضو رابطة الكتاب الأردنيين صدر له ديوان شعري بعنوان “بين زمانين” ومجموعة قصائد مترجمة للشاعر الإيطالي ماريو ريلي بعنوان “شظايا القمر”، وترجم مئات القصائد من الإنجليزية إلى العربية ومن العربية إلى الانجليزية.