حلّقت الفنانة اللبنانية الدكتورة غادة شبير بصوتها وبجمهورها الطرابلسي، الذي ضاق به مسرح الصفدي في فضاء الفن الجميل، واستحضرت عمالقة الفن العربي، وقدمت باقة من الأغنيات الطربية وقصائد التراث، في أمسية رمضانية إبداعية جديدة من صنع مؤسسة الصفدي التي تضيء ليل طرابلس بنشاطاتها المستمرة حتى غدا مسرح مركز الصفدي محطة شبه يومية لأبناء طرابلس والشمال الباحثين عن الفن وتبادل الثقافات.
في أمسيتها الغنائية الرمضانية خاضت الفنانة شبير تحديا مع نفسها، وهي أستاذة الغناء العربي، فاختارت من القصائد أصعبها ومن الألحان أعذبها، وتفوقت بفنها على فنها، وصالت وجالت بطبقات صوتها الفيروزي القوي والمتمكن، فأقنعت وأمتعت الجمهور المتنوع الذي تفاعل معها عقلا وقلبا وروحا إلى حدود حبس الأنفاس التي كانت تخرج مع نهاية كل أغنية تصفيقا وإستحسانا للقدرة الفنية التي تتمتع بها شبير.
قدمت شبير “مضناك جفاه مرقده”، لأمير الشعراء أحمد شوقي، ولموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وإختارت “ليس لي بحر سواك”، “أجمل الأيام” إضافة إلى روائع الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين “يا بدر الليل”، “لي حبيب”، و”الجمال الناعس”.
ولأنها منحازة أبداً إلى التراث القديم، اختارت “شبير” أجمله وأصعبه فغنت للفنان سيد درويش “يا ترى البعاد”، “يا شادي الألحان”، “زارني المحبوب”، و”صحت وجداً”، فذهبت بجمهورها إلى حالة من التسامي، إلى ما يشبه الروحانية، لتعود به بعدها متنقلة بين طبقات صوتها، بسلاسة، وجمال، إلى أغنيات “أنا ما سكرت الباب” للراحلة صباح موجهة لها التحية، وللملحنين الكبار فريد الأطرش وفليمون وهبه ومحمد القصبجي ووجدي شيا وحليم الرومي، حيث تميزت “شبير” بقدرتها على إبراز إمكانات صوتها التعبيرية.
ثم أعلنت شبير اختتام الأمسية الرمضانية، بأغنية “آمنت بالله” وبلوحة حجاز موجهة التهنئة بالشهر الفضيل إلى الجمهور الطرابلسي الذي وقف لها مصفقاً، ولم تنس شبير توجيه التحية لفرقتها الموسيقية التي أبدع فيها كل من ماريا مخول (القانون) وعفيف مرهج (العود) بسام صالح(كونترباص)، وائل سمعان(كمان)، ومارون أبو سمرا(دف)، وشادي عقيقي على هندسة الصوت.
من جهته، قال نائب رئيس مؤسسة الصفدي، أحمد الصفدي “إننا نساهم مع أبناء المدينة في إحياء مهرجانات رمضان السنوية والتي من خلالها نضفي جواً من المحبة والألفة والتواصل الاجتماعي بين أبناء الفيحاء”.